الملاحدة الباطنية الذين ركبوا مذهبهم من قول المجوس واليونان مع ما أظهروه من التشيع وكانت قرامطة البحرين أعظم تعطيلا وكفرا كفرهم من جنس كفر فرعون بل شر منه" (١)
قال ابن تيمية: "وأنه بعد ذلك أواخر المائة الثانية وقبلها وبعدها اجتلبت كتب اليونان وغيرهم من الروم من بلاد النصارى وعربت وانتشر مذهب مبدلة الصابئة مثل أرسطو وذويه، ظهر في ذلك الزمان الخرمية، وهم أول القرامطة الباطنية الذين كانوا في الباطن يأخذون بعض دين الصابئين المبدلين، وبعض دين المجوس، كما أخذوا عن هؤلاء كلامهم في العقل والنفس، وأخذوا عن هؤلاء كلامهم في النور والظلمة، وكسوا ذلك عبارات وتصرفوا فيه وأخرجوه إلى المسلمين، وكان من القرامطة الباطنية في الإسلام ما كان، وهم كانوا يميلون كثيرا إلى طريقة الصابئة المبدلين، وفي زمنهم صنفت رسائل إخوان الصفا، وذكر ابن سينا أن أباه كان من أهل دعوتهم من أهل دعوة المصريين منهم، وكانوا إذ ذاك قد ملكوا مصر وغلبوا عليها، قال ابن سينا وبسبب ذلك اشتغلت في الفلسفة لكونهم كانوا يرونها، وظهر في غير هؤلاء من التجهم ما ظهر، وظهر بذلك تصديق ما أخبر به النبي ﷺ كما ثبت في الصحيحين عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله ﷺ"لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه" قالوا يا رسول الله: اليهود والنصارى" قال فمن"، وروى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة عن النبي ﷺ أنه قال:"لا تقوم الساعة حتى تأخذ أمتي مأخذ القرون شبرا بشبر وذراعا بذراع" فقيل يا رسول الله كفارس والروم قال: "فمن الناس إلا أولئك" ومعلوم أن أهل الكتاب أقرب إلى المسلمين من المجوس والصابئين والمشركين فكان أول ما ظهر من البدع فيه شبه من اليهود والنصارى.
والنبوة كل ما ظهر نورها انطفت البدع، وهي في أول الأمر كانت أعظم ظهورا فكان إنما يظهر من البدع ما كان أخف من غيره، كما ظهر في أواخر عصر الخلفاء الراشدين بدعة الخوارج والتشيع، ثم في أواخر عصر الصحابة ظهرت القدرية والمرجئة، ثم بعد انقراض أكابر التابعين ظهرت الجهمية، ثم لما عربت كتب الفرس والروم ظهر التشبه بفارس والروم.
وكتب الهند انتقلت بتوسط الفرس إلى المسلمين، وكتب اليونان انتقلت بتوسط