الروم إلى المسلمين، فظهرت الملاحدة الباطنية الذين ركبوا مذهبهم من قول المجوس واليونان، مع ما أظهروه من التشيع، وكانت قرامطة البحرين أعظم تعطيلا وكفرا، كفرهم من جنس كفر فرعون بل شر منه" (١).
وقال: "وهؤلاء الصابئة المبدلون ومن بدل دينه من اليهود والنصارى وسائر المشركين هم (من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون) هم من الذين اختلفوا من بعد ما كانوا أمة واحدة كما قال تعالى (كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغيا بينهم) ولهذا يوجد في هؤلاء الصابئة المتفلسفة وغيرهم من الاختلاف والافتراق في أصول الدين أعظم مما يوجد بين اليهود والنصارى لأن أهل الكتاب أقرب إلى الهدى من الصابئين فمبتدعتهم دون مبتدعة الصابئين والتفرق والاختلاف في الصابئين أكثر ولهذا فيهم من عبادة الأصنام والكواكب والشرك مالا يوجد منه في أهل الكتابين وإن كان قد وجد فيهم من الشرك ما وجد فهو في أولئك أعظم وهؤلاء وأمثالهم هم الذين بدلوا وغيروا ما فطر الله تعالى عليه عباده وأرسل به رسله وصار فيهم من الاستكبار وطلب العلو ودعوى التحقيق في العلوم والمعارف وعلو الهمة في الأعمال ما هم في الحقيقة متصفون عنده كما قال تعالى فيهم (الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم إن في صدورهم إلا كبر ما هم ببالغيه) وقال تعالى وتقدس (فلما جاءتهم رسلهم بالبينات فرحوا بما عندهم من العلم وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا) وقال تعالى (وإذا جاءتهم آية قالوا لن نؤمن حتى نؤتى مثل ما أوتي رسل الله الله أعلم حيث يجعل رسالته سيصيب الذين أجرموا صغار عند الله وعذاب شديد بما كانوا يمكرون) وبالجملة فهؤلاء وأشباههم أعداء الرسل وسائر الملل وخطاب القرآن لهم كثير جدا فإنهم أئمة لأتباعهم وهم من السادة والكبراء الذين قال الله تعالى في أتباعهم (إن الله لعن الكافرين وأعد لهم سعيرا خالدين فيها أبدا لا يجدون وليا ولا نصيرا يوم تقلب وجوههم في النار يقولون يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا وقالوا ربنا أنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا ربنا آتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعنا كبيرا) وكان فرعون موسى من أكابر