للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

على ما اعتمده مع هذه الأمة من إدخال هذه العلوم الفلسفية بين أهلها) (١)

قال السيوطي: (أول من أدخل المنطق والفلسفة وسائر علوم اليونان في ملة الإسلام وأحضرها من جزيرة قبرص المأمون.) (٢)

قال ابن تيمية: "فلما ابتدعت الجهمية هذه المقالات في أثناء المائة الثَّانية أنكر ذلك سلف الأمة وأئمتها، ثم استفحل أمرهم في أوائل المائة الثالثة بسبب ما أدخلوه في شركهم وفريتهم من ولاة الأمور، وجرت المحنة المشهورة" (٣)

وفي هذه المرحلة قويت شوكت التعطيل واتسعت دائرته ونشط دعاته وكثرت طوائفه. فبعد أن كان خصوم أهل السنة هم الجهمية فقط، ظهر المعتزلة الذين حملوا راية التعطيل ووجهوا دفته، ودخلوا فيه بقوة هيأها لهم المأمون ومن بعده المعتصم ثم الواثق. وشايعهم على ذلك العديد من الفرق الضالة، فجمعت المعتزلة من ذلك الوقت بين بليتين «بلية نفي الصفات» و «بلية نفي القدر». وفي هذه المرحلة ظهر القرامطة، وبدؤوا يظهرون قولهم.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (وكانت «محنة الإمام أحمد» سنة عشرين ومائتين، وفيها شرعت القرامطة الباطنية يظهرون قولهم، فإن كتب الفلاسفة قد عربت وعرف الناس أقوالهم فلما رأت الفلاسفة أن القول المنسوب إلى الرسول وأهل بيته هو هذا القول الذي يقوله المتكلمون الجهمية ومن اتبعهم، ورأوا أن هذا القول الذي يقولونه فاسد من جهة العقل؛ طمعوا في تغيير الملة. فمنهم من أظهر إنكار الصانع، وأظهر الكفر الصريح، وقاتلوا المسلمين، وأخذوا الحجر الأسود، كما فعلته قرامطة البحرين.) (٤)

وفي هذه المرحلة أيضاً ظهرت «الصفاتية» وهم وإن كانوا من أقرب المتكلمين إلى السنة إلا أنهم خالفوا قول أهل السنة بنفيهم للصفات الاختيارية، وعلى رأس أولئك عبد الله بن سعيد بن كلاب (٢٣٤ هـ) والحارث بن أسد المحاسبي (ت ٢٣٤) وأبو العباس القلانسي وغيرهم، ومنذ ذلك الحين اتسعت دائرة التعطيل وعظم خطره وكثر خصوم السنة.

وهكذا الشأن إذا مكن لأهل البدع وكان لهم الدولة والسلطة، فإذا مُكِّن لهم بدولة وسلطة رأيت العجب العجاب. وهكذا الرافضة لم يكن لهم دولة حتى كان لهم من الجانب الإسماعيلي،


(١) لوامع الأنوار البهية ١/ ٩.
(٢) الوسائل إلى مسامرة الأوائل ص ١١٨.
(٣) التسعينية ١/ ٢٩٥
(٤) مجموع الفتاوى ٥/ ٥٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>