للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الأمر الثاني: أو الإطلاق العام والمقصود به: الجهمية المقالة ويشمل ذلك مع الجهمية غيرهم من الفرق الذين شاركوا الجهمية في مقالة تعطيل الصفات كالمعتزلة والكلابية والأشاعرة والماتريدية وغيرهم.

قال ابن تيمية: "الجهمية على ثلاث درجات:

فشرها الغالية: الذين ينفون أسماء الله وصفاته، وإن سموه بشيء من أسمائه الحسنى، قالوا: هو مجاز فهو في الحقيقة عندهم ليس بحي ولا عالم ولا قادر ولا سميع ولا بصير ولا تكلم ولا يتكلم، وكذلك وصف العلماء حقيقة قولهم كما ذكره الإمام أحمد فيما أخرجه في الرد على الزنادقة والجهمية:

قال: فعند ذلك تبيّن للناس أنهم لا يثبتون شيئًا، ولكنهم يدفعون عن أنفسهم الشنعة بما يقرون في العلانية، فإذا قيل لهم: فمن تعبدون؟ قالوا: نعبد من يدبر أمر هذا الخلق.

فقلنا: فهذا الذي يدبر أمر هذا الخلق، هو مجهول لا يعرف بصفة؟

قالوا: نعم. قلنا: قد عرف المسلمون أنكم لا تثبتون شيئًا، إنَّما تدفعون عن أنفسكم الشنعة بما تظهرون.

فقلنا لهم: هذا الذي يدبر هو الذي كلم موسى.

قالوا: لم يتكلم ولا يتكلم، لأنَّ الكلام لا يكون إلّا بجارحة والجوارح عن الله منتفية، وإذا سمع الجاهل قولهم يظن أنهم من أشد النَّاس تعظيمًا لله، ولا يعلم أنهم إنَّما يعود قولهم إلى ضلالة وكفر.

وقال أبو الحسن الأشعري في كتاب "الإبانة" باب الرد على الزنادقة الجهمية، في نفيهم علم الله وقدرته، قال الله ﷿: ﴿أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ﴾، وقال : ﴿وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إلا بِعِلْمِهِ﴾ وقال سبحانه: ﴿فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ﴾ وذكر العلم في خمسة مواضع من كتابه، وقال سبحانه: ﴿وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إلا بِمَا شَاءَ﴾ وذكر تعالى القوة، فقال: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً﴾ وقال: ﴿ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ﴾ وقال سبحانه: ﴿وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ﴾.

وزعمت الجهمية والقدرية أن الله لا علم له ولا قدرة ولا حياة ولا سمع ولا بصر، وأرادوا أن ينفوا أن الله عالم قادر حي سميع بصير، فمنعهم خوف السيف من إظهار نفي ذلك، فأتوا بمعناه لأنهم إذا قالوا: لا علم ولا قدرة لله، فقد قالوا: إنه ليس بعالم ولا قادر، ووجب ذلك عليهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>