للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الدرجة الثالثة: هم الصفاتية، وإذا قيل: الصفاتية، فإن هذا المصطلح يعني الكلابية، والأشاعرة، والماتريدية.

وهؤلاء ينقسمون إلى قسمين:

القسم الأول: الكلابية ومعهم قدماء الأشاعرة، وإثباتهم أكثر من إثبات المتأخرين، فهم يثبتون الصفات ما عدا الصفات الاختيارية، صفات الأفعال مثل: النزول، والاستواء، والغضب، والرضا، والضحك، وغير ذلك هذه يحرِّفونها، وأما الصفات الذاتية فإنهم يثبتونها.

القسم الثاني: متأخرو الأشاعرة لأن الأشاعرة ينقسمون إلى قسمين: متقدمين، ومتأخرين. فمن طبقة الجويني ومن بعده كالغزالي والرازي، إلى يومنا هذا هؤلاء هم المتأخرون الذين يقولون بإثبات سبع صفات فقط، ونفي ما عدا السبع.

ولذلك لو جمعت بين كتاب للبيهقي وكتاب للجويني أو الغزالي أو الرازي، تجد أن إثبات البيهقي وهو من قدماء الأشاعرة أكثر بكثير مما عند الجويني أو الغزالي أو الرازي لأن المتأخرين كانوا أكثر قربًا إلى المعتزلة، فلذلك نفيهم كان أكثر وأكثر، هؤلاء المتأخرون كانوا أكثر قربًا إلى المعتزلة، فلذلك هم في النفي أكثر. أما المتقدمون من الأشاعرة فكانوا أقرب إلى أهل السنة فلذلك كان إثباتهم أكثر.

فهذا من حيث إطلاق لفظ الجهمية، فتارة يراد به جميع من قال بنفي الصفات، فلفظ الجهمية كلفظة الإرجاء، يشمل عددًا من الفرق وهي خمسة، كما أن الإرجاء خمسة. فإذا قيل الجهمية على هذا، فإن المقصود به المقالة، وفرقٌ بين المقالة والفرقة، فالمقالة قد يشترك فيها أكثر من طائفة، والفرقة تختص بطائفة معينة لها عدد من الأقوال والمقالات.

والجهمية استمرت مقالاتهم حتى القرن الخامس الهجري تقريبًا، كان يذكرون أنه ما يزال منهم في المشرق من يقول بمقالتهم، وكان آخر ما ذكر في ذلك أنها كانت في نهاوند إلى أن تلاشت ودخل أتباعها في الأشعرية، هذا أخر ما ذكر عن تاريخ الجهمية. فهذا يعني أنه كان لهم وجود.

وأما المعتزلة فأول ما تأسَّست على يد واصل بن عطاء، وعمرو بن عبيد وكانت البصرة مركزاً للمعتزلة، وكانت كما يقولون: البصرة عشَّ القدرية، والكوفة عشَّ التشيُّع، فكانت مقالة القدرية أظهر في البصرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>