للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فكما أن المعتزلة احتوت مقالات عدد من الفرق، وكما أن الروافض والزيدية والإباضية احتووا الاعتزال، لكن لا يعني هذا أنه بذهاب هذه الفرق قد تلاشت، بل تتبدل، فكانوا في الماضي قدرية معتزلة، ثم هم اليوم إباضية واثنا عشرية وزيدية، ثم هم في عصرنا الحاضر تجدهم في مسمَّيات جديدة، كمن يسمُّونهم التكفير والهجرة أو جماعة الجهاد، كذلك هي الأفكار التي عند هؤلاء ولكن بمسميات جديدة.

فهنا ينبغي أن يدرس تاريخ الفرق والمقالات، وأن المقالة لا يعني وجودها، ارتباطها بفئة معينة.

فبعض طلبة العلم يربط فكرة نفي الصفات بالمعتزلة، فلا يفهم مع ذلك أنه بهذا قد يتخيل ويتوهم أن فكرة نفي الصفات انتهت بانتهاء المعتزلة كوجود وكمدرسة، ولا يعلم أن الأفكار تنتقل ويتغير وتتبدل أصحابها.

وعلى سبيل المثال الماتريدية اليوم قد تظهر في صور مختلفة، فالماتريدية في القارة الهندية تسلك خطين:

الخط الأول: خط دعوي.

يتمثل في جماعة التبليغ، فهي في أصلها ماتريدية صوفية، تتبنى الخط الصوفي الموجود عند الماتريدية.

والخط الثاني: خط تعليمي.

يتمثل في الديوبندية، فمدارس الديوبندية هي مدارس ماتريدية، فالمسميات تتجدد، فيقال عنها المدارس الديوبندية، لكن ينبغي أن تفهم أن الديوبندية هي الماتريدية. وأهل الهند يعرفون هذا

فمن هنا ينبغي أن تعرف المقالات ما أصولها، ويعرف تاريخ الفرق، وأن يعرف أنه من طبيعة المقالات أنهم قد يتلقفها البعض ثم بعد ذلك يتلقفها آخرون، فلا يعني هذا أنه بانتهاء الأشخاص انتهت المقالة، بل قد يتواصل وجودها ويتجدد، وهذا لا يعني أن انتهاء المقالة ينتهي بانتهاء من قال بها.

فقد تظهر في مسميات وصور جديدة، ومثلُ هذا يدعونا إلى أن نبحث عن تاريخ هذه المقالة ونبسط الحديث فيها، حتى يتسع أفق طالب العلم ويعرف أنه لا يتحدث عن مقالات قد انتهت وانتهى عهدها، بل هي مقالات موجودة وإن كانت مسميات هؤلاء قد تغيرت.

فلا يعني تغير مسميات هؤلاء، أن تلك المقالات قد تلاشت وتبددت بل هي اليوم موجودة.

<<  <  ج: ص:  >  >>