للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أحمد كانت ٢٤١، فلم يكن بعد قد ولد أبو الحسن الأشعري. فالذي كان في الميدان والساحة في ذلك الحين كما ذكرنا الخوارج ولهم ضلع في هذه المسألة، وكذلك الجهمية والمعتزلة، هم خصوم أهل السنة في ذلك الحين.

هذا يقودنا إلى الكلابية، والكلابية أسبق من الأشاعرة والماتريدية، فأبو عبد الله محمد بن سعيد القطان، المشهور والمعروف "بابن كلاب" هذا هو مؤسس الكلابية، ففي البصرة كان الصراع في هذه المسائل بين طائفتين: المعتزلة، وأهل السنة وأهل الحديث كما كانوا يعرفون في ذلك الحين. فالصراع قائم بين هؤلاء وهؤلاء، فظهر ابن كلاب في خضم هذا الصراع وخطَّ خطًّا ثالثًا في المسألة، ذلك أنه أوَّل من قال بالكلام النفسي، ففي صفة الكلام المعتزلة يقولون: إن الله لا يتكلم، ينفون صفة الكلام، ويقولون: إن كلام الله مخلوق، وأهل السنة يثبتون صفة الكلام ويقولون: إن الله يتكلم بحرف وصوت مسموع.

فجاء ابن كلاب ووضع قولاً ثالثًا، وكان ابن كلاب في ذلك الحين أقرب إلى أهل السنة لأنه يثبت لله كلامًا وإن كان يثبته على شكل غير صحيح. فلذلك كان يقال عنه: إنه من نظار أهل السنة، فكان أقرب إلى أهل السنة منه إلى المعتزلة، وإن كان قوله يخالف قول أهل السنة وبهذا ظهرت مقالة ابن كلاب في البصرة، ولبيان علاقة الكلابية بالأشعرية، فإن أبا الحسن الأشعري ولد في البصرة، وتربى في بيت اعتزالي، ولذلك الحديث عن الكلابية لابد أن يصحبه حديث عن الأشعرية لأن هناك علاقة بين الأشعرية والكلابية، بل إن قول الكلابية هو بعينه قول الأشاعرة في مسألة الصفات بما فيها صفة الكلام، ونقصد بذلك الأشاعرة القدماء.

فأبو الحسن الأشعري، علي بن إسماعيل الأشعري ولد في البصرة، وبعد وفاة أبيه تزوجت أمه بأبي علي الجبائي وهو من كبار المعتزلة في ذلك الوقت، وولادته كانت في عام ٢٦٠ من الهجرة، فنشأ وتربي في بيت معتزلي، استمر هذا إلى ٣٠٠ من الهجرة، لأنه من ٢٦٠ إلى ٣٠٠ هذه أربعين سنة وهو في بيت الاعتزال، نشأ وتربي في بيت شيخ المعتزلة أبو علي الجبائي.

إلى أن بلغ سن الأربعين، وكان من الذكاء بمكان بحيث إنه كان يشاغب شيخه ويعترض عليه في مسائل كثيرة في قضايا الاعتقاد. إلى أن خرج من الاعتزال، وكانت الساحة إذ ذاك: إما معتزلة، أو كلابية، أو أهل السنة وأهل الحديث، فالنزاع فيها بين هذه الأصناف الثلاثة.

<<  <  ج: ص:  >  >>