(٤٨)"ويدل على ذلك كتاب الرد الذي صنفه عثمان بن سعيد الدارمي أحد الأئمة المشاهير في زمان البخاري، صنف كتابًا سماه:«رد عثمان بن سعيد على الكاذب العنيد فيما افترى على الله في التوحيد» حكى فيه من التأويلات بأعيانها عن بشر المريسي بكلام يقتضي أن المريسي أقعد بها، وأعلم بالمنقول والمعقول من هؤلاء المتأخرين الذين اتصلت إليهم من جهته، ثم رد عثمان بن سعيد بكلام إذا طالعه العاقل الذكي: علم حقيقة ما كان عليه السلف، وتبين له ظهور الحجة لطريقهم، وضعف حجة من خالفهم. "
يقصد المصنف رحمه الله تعالى كتاب الرد على بشر المريسي وهو كتاب مطبوع وموجود إلى يومنا هذا، وقد رد فيه عثمان بن سعيد الدارمي على تأويلات بشر المريسي، وقد أجاد فيه وأفاد كما سيذكر المصنف.
وقول المصنف:"حكى فيه من التأويلات بأعيانها عن بشر المريسي بكلام يقتضي أن المريسي أقعد بها، وأعلم بالمنقول والمعقول من هؤلاء المتأخرين الذين اتصلت إليهم من جهته" أي أن كتاب الدارمي حفظ لنا تأويلات المريسي بحكم معاصرته له، وهذا يعطى الكتاب أهمية بكونه حفظ نسبة هذه التأويلات بأعيانها لقائلها الذي هو بشر المريسي، كما بين المصنف أن المريسي كان أقعد وأعرف وأعلم بها، وأعلم بالمنقول والمعقول من هؤلاء المتأخرين؛ لأن هؤلاء أبعد عن السنة، فهم هجروا السنة وتركوها، وبالتالي هم من أجهل الناس بالسنة في هذه المسائل.
قال المصنف:"ثم رد عثمان بن سعيد بكلام إذا طالعه العاقل الذكي: علم حقيقة ما كان عليه السلف، وتبين له ظهور الحجة لطريقهم، وضعف حجة من خالفهم. "