(٤٩) "ثم إذا رأى الأئمة -أئمة الهدى-قد أجمعوا على ذم المريسية وأكثرهم كفروهم أو ضللوهم وعلم أن هذا القول الساري في هؤلاء المتأخرين هو مذهب المريسي: تبين الهدى لمن يريد الله هدايته ولا حول ولا قوة إلا بالله.
والفتوى لا تحتمل البسط في هذا الباب وإنما أشير إشارة إلى مبادئ الأمور والعاقل يسير وينظر ".
أجمع أئمة الهدى على ذم المريسية وأكثرهم كفَّروهم وضللوهم، وكلامهم ثابت ومنقول عنهم.
وقد يقول قائل مثلًا: إذا كان الأئمة يكفرونهم، فإن الإمام أحمد ﵀ كان يدعو للمأمون والمأمون معتزلي، فالأمر متناقض، فكيف يكفرونهم والإمام أحمد يدعو للمأمون؟
فالجواب هنا: أنه ينبغي أن يفهم هذا القائل الفرق بين مسألة الأعيان ومسألة المسائل، فهناك تفريق بين المسألتين، أما بأعيانهم، فهذه مسألة للسلف فيها ضوابط، وهي أربعة ضوابط في مسألة التكفير؛
أولاً: أن يكون عاقلًا بالغًا.
ثانياً: أن يكون مختارًا غير مكره.
ثالثًا: أن تقوم عليه الحجة التي يكفر بخلافها.
رابعًا: ألا يكون متأوِّلًا تأوُّلًا يعذر فيه صاحبه.
إذًا عند السلف أربعة شروط وأربعة موانع للتكفير، هذه مسألة واسعة.
فالشرط الأول يقول: أن يكون عاقلًا بالغًا، بمعنى إذا كان غير بالغ وغير عاقل فإن هذا مانع من تكفيره.
والشرط الثاني: أن يكون مختارًا؛ فإن الإكراه مانعٌ من التكفير.
والشرط الثالث: أن تقوم عليه الحجة التي يكفر بخلافها، فلا بد من قيام الحجة على هذا الشخص، فبالتالي إذا لم تقم الحجة فإنه لا يحكم عليه.
والشرط الرابع: ألا يكون متأوِّلًا تأوُّلًا يُعذر فيه صاحبه، فإذا كان متأولاً تأولاً يعذر فيه صاحبه فلا يحكم بكفره.