والتعطيل - كما ذكرنا - أعمُّ من التحريف، فمثلاً يأتي صاحب الفلسفة فيقول: هذه النصوص مجرد وهم وخيال ولا حقيقة لها، فيعطلها دون الحاجة إلى تحريفها، وبهذا يكون قد عَطَّل دون أن يحرِّف، أو مثلاً كما يفعلون في التفويض؛ لأن التفويض كذلك صورة من صور التعطيل؛ لأنه في الحقيقة إنكار للصفة دون تحديد لمعنى آخر لهذه الصفة.
فيأتي إلى قوله تعالى: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ [طه: ٥]، فيقول: الله أعلم بمراده، ولذلك يقول قائلهم:
وكل لفظ أوهم التشبيها … أَوِّلْهُ أو فَوِّضْه ورم تنزيها
فهم في النتيجة سواء، إن أوَّلت وإن فوَّضت، فالنتيجة واحدة وهي ماذا؟ تنزيه الله جل وعلا عن أن يوصف بهذه الصفات.
فعلى هذا يكون التعطيل أعمُّ من التحريف، والتحريف إنما هو صورة من صور التعطيل، لأن مسالك التعطيل كما سيأتي تنقسم إلى مسلكين:
المسلك الأول: مسلك التبديل.
المسلك الثاني: مسلك التجهيل.
ومسلك التبديل:
ينقسم إلى قسمين:
القسم الأول: مسلك التخييل.
القسم الثاني: مسلك التحريف والتأويل.
ومسلك التجهيل كذلك ينقسم إلى قسمين وكل هذا إن شاء الله سيأتي في حينه، لكن أن يفهم هنا أن التعطيل أَعَمُّ من التحريف، فكل محرِّفٍ معطِّل، ولكن ليس كل معطلٍ محرف.