للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وليس كل تكييف تمثيلاً، لأن من التكييف ما ليس فيه تمثيل بصفات المخلوقين، كقولهم: طوله كعرضه.

ومعنى قول أهل السنة: "من غير تكييف" أي من غير كيف يعقله البشر، وليس المراد من قولهم: "من غير تكييف" أنهم ينفون الكيف مطلقًا، فإن كل شيء لابد أن يكون على كيفية ما، ولكن المراد أنهم ينفون علمهم بالكيف، إذ لا يعلم كيفية ذاته وصفاته إلا هو سبحانه (١).

فمن المعلوم أنه لا علم لنا بكيفية صفاته ﷿، لأنه تعالى أخبرنا عن الصفات ولم يخبرنا عن كيفيتها، فيكون تعمقنا في أمر الكيفية قفوًا لما ليس لنا به علم، وقولاً بما لا يمكننا الإحاطة به.

وقد أخذ العلماء من قول الإمام مالك: "الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة" قاعدة ساروا عليها في هذا الباب.

"ولا تمثيل":

المثيل لغة: هو الند والنظير.

والتمثيل: هو الاعتقاد في صفات الخالق، أنها مثل صفات المخلوقين.

وهو قول الممثل: له يد كيدي وسمع كسمعي، تعالى الله عن قولهم علوًا كبيرًا.

والتمثيل والتشبيه هنا بمعنى واحد، وإن كان هناك فرق بينهما في أصل اللغة (٢).

فالمماثلة: هي مساواة الشيء لغيره من كل وجه.

والمشابهة: هي مساواة الشيء لغيره في أكثر الوجوه.

ولكن التعبير هنا بنفي "التمثيل" أولى لموافقة لفظ القرآن.

في قوله تعالى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ (٣).

وقوله تعالى: ﴿فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَال﴾ (٤).

وقد وقع في التمثيل والتكييف "المشبهة" الذين بالغوا في إثبات الصفات إلى درجة تشبيه الخالق بالمخلوق.

التمثيل نزعة يهودية الأصل، "فإن اليهود كثيرا ما يعدلون الخالق بالمخلوق ويمثلونه به حتى يصفوا الله بالعجز والفقر والبخل ونحو ذلك من النقائص التي يجب تنزيهه عنها، وهي من صفات خلقه" (٥)


(١) شرح العقيدة الواسطية ص ٢١
(٢) القواعد المثلى ص ٢٧
(٣) الآية ١١ من سورة الشورى
(٤) الآية ٧٤ من سورة النحل
(٥) مجموع الفتاوي ١٠/ ٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>