للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

خصائص المخلوقين، كان الكلام معه في ثبوت ذلك المعنى وانتفائه.

فلابد أن يلحظ في هذا إثبات شيء من خصائص المخلوقين للرب أولا، وذلك مثل أن يقول: أصفه بالقدر المشترك بين سائر الأجسام والجواهر، كما أصفه بالقدر المشترك بينه وبين سائر الموجودات، وبين كل حي عليم سميع بصير، وإن كنت لا أصفه بما تختص به المخلوقات، وإلا فلو قال الرجل: هو حي لا كالأحياء، وقادر لا كالقادرين، وعليم لا كالعلماء، وسميع لا كالسمعاء، وبصير لا كالبصراء، ونحو ذلك، وأراد بذلك نفي خصائص المخلوقين، فقد أصاب.

وإن أراد نفي الحقيقة التي للحياة والعلم والقدرة ونحو ذلك، مثل أن يثبت الألفاظ وينفي المعنى الذي أثبته الله لنفسه، وهو من صفات كماله، فقد أخطأ.

إذا تبين هذا فالنزاع بين مثبتة الجوهر والجسم ونفاته، يقع من جهة المعنى فسر شيئين: أحدهما: أنهم متنازعون في تماثل الأجسام والجواهر على قولين معروفين.

فمن قال بتماثلها، قال: كل من قال: إنه جسم لزمه التمثيل.

ومن قال إنها لا تتماثل، قال: إنه لا يلزمه التمثيل.

ولهذا كان أولئك يسمون المثبتين للجسم مشبهة، بحسب ما ظنوه لازماً لهم، كما يسمى نفاة الصفات لمثبتيها مشبهة ومجسمة، حتى سموا جميع المثبتة للصفات مشبهة، ومجسمة، وحشوية، وغثاء، وغثراء، ونحو ذلك، بحسب ما ظنوه لازماً لهم.

لكن إذا عرف أن صاحب القول لا يلتزم هذه اللوازم، لم يجز نسبتها إليه على أنها قول له، سواء كانت لازمة في نفس الأمر أو غير لازمة، بل إن كانت لازمة مع فسادها، دل على فساد قوله.

التعريف بالكرامية:

الكرامية (١) هم أتباع محمد بن كرام بن عراق بن حزبة السجستاني المتوفى سنة (٢٥٥ هـ).


(١) يبلغ عدد طوائف الكرامية اثنتا عشرة فرقة وأصولها ستة هي:
١ - العابدية، ٢ - النونية، ٣ - الزرينية، ٤ - الإسحاقية، ٥ - الواحدية، ٦ - الهيصمية.
"وهم في باب الإيمان مرجئة يقولون: إن الإيمان هو القول فقط فمن تكلم به فهو مؤمن كامل الإيمان، لكن إن كان مقراً بقلبه كان من أهل الجنة، وإن كان مكذباً بقلبه كان منافقاً مؤمناً من أهل النار، وبعض الناس يحكي عنهم أنه من تكلم به بلسانه دون قلبه فهو من أهل الجنة، وهو غلط عليهم، بل يقولون إنه مؤمن كامل الإيمان وإنه من أهل النار". انظر مجموع الفتاوى (١٣/ ٥٦).
وانظر الكلام عن الكرامية في الفصل لابن حزم (٤/ ٤٥، ٢٠٤ - ٢٠٥)، لسان الميزان (٥/ ٣٥٣ - ٣٥٦)، والفرق بين الفرق (ص ١٣٠ - ١٣٧)، والملل والنحل (١/ ١٨٠ - ١٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>