للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهم في باب الصفات يثبتونها ولكنهم خالفوا أهل السنة في مسألتين:

المسألة الأولى: أنهم يبالغون في الإثبات ويخوضون في شأن الكيفية، ودخل عليهم ذلك من جهة إطلاقهم لألفاظ مبتدعة كلفظ (الجسم)، و (المماسة).

ومن بدع الكرامية أنهم يقولون في المعبود إنه جسم لا كالأجسام (١).

ومن بدعهم قولهم: إن الأزلي الخالق جسم لم يزل ساكنا (٢).

ويقولون: إن الله جسم قديم أزلي، وإنه لم يزل ساكناً ثم تحرك لما خلق العالم، ويحتجون على حدوث الأجسام المخلوقة بأنها مركبة من الجواهر المفردة، فهي تقبل الاجتماع والافتراق، ولا تخلوا من اجتماع وافتراق، وهي أعراض حادثة لا تخلو منها، ومالا يخلو من الحوادث فهو حادث.

وأما الرب فهو عندهم واحد لا يقبل الاجتماع والافتراق، ولكنه لم يزل ساكناً. والسكون عندهم أمر عدمي، وهو عدم الحركة عمَّا من شأنه أن يتحرك، كما يقول ذلك من يقوله من المتفلسفة. وهؤلاء يقولون: إن الباري لم يزل خالياً من الحوادث حتى قامت به، بخلاف الأجسام المركَّبة من الجواهر المفردة، فإنها لا تخلو من الاجتماع والافتراق (٣).

ويقولون: إن الصفات والأفعال لا تقوم إلا بجسم، ويجوزون وجود جسم ينفك من قيام الحوادث به ثم يحدث فتقوم به بعد ذلك (٤).

ويقول ابن كرام: إن الله مماس للعرش من الصفحة العليا (٥).

ويقول كذلك: له حد من الجانب الذي ينتهي إلى العرش ولا نهاية له (٦).

وقد غالى أتباع ابن كرام في شأن الكيفية فزعم بعضهم أنه تعالى على بعض أجزاء العرش (٧).

وادعى بعضهم أن العرش امتلأ به بحيث لا يزيد على عرشه من جهة المماسة،


(١) لسان الميزان (٥/ ٣٥٤).
(٢) درء تعارض العقل والنقل (٣/ ٦).
(٣) درء تعارض العقل والنقل (٧/ ٢٢٧).
(٤) المصدر السابق (٥/ ٢٤٦).
(٥) الفرق بين الفرق (ص ١٩٨)، والملل والنحل (١/ ١٠٨ - ١٠٩).
(٦) التبصير في الدين (ص ١١٢).
(٧) الملل والنحل (١/ ١٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>