للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال أبو الحسن الأشعري في "المقالات": "وقال داود الجواربي ومقاتل بن سليمان: إن الله جسم وإنه جثة على صورة الانسان لحمٌ ودمٌ وشعر وعظم، له جوارح وأعضاء من يد ورجل ولسان وعينين وهو مع هذا لا يشبه غيره ولا يشبهه" (١).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وأما مقاتل فالله أعلم بحقيقة حاله، والأشعري ينقل هذه المقالات من كتب المعتزلة، وفيهم انحراف على مقاتل بن سليمان، فلعلهم زادوا في النقل عنه، أو نقلوا عنه، أو نقلوا عن غير ثقة، وإلا فما أظنه يصل إلى هذا الحد. وقد قال الشافعي: من أراد التفسير فهو عيال على مقاتل، ومن أراد الفقه فهو عيال على أبي حنيفة. ومقاتل بن سليمان وإن لم يكن ممن يحتج به في الحديث -بخلاف مقاتل بن حيان فإنه ثقة- لكن لا ريب في علمه في التفسير وغيره واطلاعه، كما أن أبا حنيفة وإن كان الناس خالفوه في أشياء وأنكروها عليه، فلا يستريب أحد في فقهه وفهمه وعلمه، وقد نقلوا عنه أشياء يقصدون بها الشناعة عليه، وهي كذب عليه قطعاً، مثل مسألة الخنزير البري ونحوها، وما يبعد أن يكون النقل عن مقاتل من هذا الباب" (٢).

وجاء في "وفيات الأعيان" في ترجمة مقاتل بن سليمان: "حكي عن الإمام الشافعي أنه قال: الناس كلهم عيال على ثلاثة، على مقاتل بن سليمان في التفسير، وعلى زهير بن أبي سلمى في الشعر، وعلى أبي حنيفة في الكلام" (٣).

ويلاحظ من هذا السياق لفرق المشبهة الملاحظات الآتية:

ا-أن التشبيه نشأ في أحضان الرافضة وترعرع فيها.

٢ - تفاوت هذه الفرق على النحو التالي:

(١) الغلاة: وهم الذين مثلوا ذات الخالق بذات مخلوق معين، أو زعموا أن الله حاك فيه -سبحانه-وهؤلاء خارجون عن الملة إجماعاً، وغالبا ما يجمعون إلى هذا الكفر كفراً آخر من الزندقة الباطنية كالفرق العشر الأولى.

(ب) المكيفة: وهم الذين يكيفون صورة معبودهم بأوصاف وكيفيات معهودة في الذهن والخارج لكن غير مقيدة بمماثل معين، كالهشاميين.

(ج) ممثلة الأفعال: الذين يمثلون الخالق بالمخلوق، والمخلوق بالخالق في الأفعال كالمعتزلة.


(١) المقالات (ص ٢٠٩).
(٢) منهاج السنة (٢/ ٦١٨ - ٦٢٠).
(٣) وفيات الأعيان (٤/ ٣٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>