للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣ - براءة أهل السنة من تهمة التمثيل التي حاول بعض نفاة الصفات من المتكلمين نبزهم بها. فليس في هذه الفرق المذمومة طائفة من أهل السنة، إلا أن المتكلمين بناء على أصولهم الفاسدة عدوا إثبات الصفات الخبرية تمثيلاً، فوصموا المثبتين لها بوصمة التمثيل، كما صنع الشهرستاني (١) في مبحث «المشبهة، حيث أدخل في مقالات المشبهة ما هو من صريح مذهب السلف (٢) " (٣)

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "قال الأشعري: وفي الأمة قوم ينتحلون النسك، يزعمون أنه جائز على الله تعالى الحلول في الأجسام، وإذا رأوا شيئاً يستحسنونه قالوا: لا ندري، لعل، ربما، هو.

ومنهم من يقول: إنه يرى الله في الدنيا على قدر الأعمال، فمن كان عمله أحسن رأى معبوده أحسن.

ومنهم من يجوِّز على الله تعالى المعانقة والملامسة والمجالسة في الدنيا، ومنهم من يزعم أن الله تعالى ذو أعضاء وجوارح وأبعاض: لحم ودم على صورة الإنسان له ما للإنسان من الجوارح.

وكان من الصوفية رجل يُعرف بأبي شعيب يزعم أن الله يسر ويفرح بطاعة أوليائه، ويغتم ويحزن إذا عَصَوْهُ.

وفي النسَّاك قوم يزعمون أن العبادة تبلغ بهم إلى منزلة تزول عنهم العبادات، وتكون الأشياء المحظورات على غيرهم -من الزنا وغيره-مباحات لهم. وفيهم من يزعم أن العبادة تبلغ بهم إلى أن يروا الله، ويأكلوا من ثمار الجنة، ويعانقوا الحور العين في الدنيا، ويحاربوا الشياطين.

ومنهم من يزعم أن العبادة تبلغ بهم إلى أن يكونوا أفضل من النبيين والملائكة المقربين.

وقلت: هذه المقالات التي حكاها الأشعري -وذكروا أعظم منها-موجودة في


(١) محمد بن عبد الكريم بن أحمد، أبو الفتح، الشهرستاني، كان إمامة في علم الكلام وأديان الأمم ومذاهب الفلاسفة، ولد سنة ٤٧٩ هـ في شهر ستان، وله من المؤلفات: «الملل والنحل»، و «نهاية الإقدام في علم الكلام، والإرشاد إلى عقائد العبادة وغيرها، وتوفي في بلده سنة ٥٤٨ هـ. الأعلام ٦/ ٢١٥، وفيات الأعيان ١/ ٤٨٢، مفتاح السعادة ١/ ٢٦٤، آداب اللغة ٣/ ٩٩، لسان الميزان ٥/ ٢٦٣، طبقات السبكي ٤/ ٧٨.
(٢) انظر: الملل والنحل ١/ ١٠٥، وما بعدها.
(٣) المصدر: مذهب أهل التفويض في نصوص الصفات ص ٧٩ - ٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>