للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(٥٥) "وَنَعْلَمُ أَنَّ مَا وُصِفَ اللَّهُ بِهِ مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ حَقٌّ لَيْسَ فِيهِ لُغْزٌ وَلَا أَحَاجِيٌّ؛ بَلْ مَعْنَاهُ يُعْرَفُ مِنْ حَيْثُ يُعْرَفُ مَقْصُودُ الْمُتَكَلِّمِ بِكَلَامِهِ؛ لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ الْمُتَكَلِّمُ أَعْلَمَ الْخَلْقِ بِمَا يَقُولُ وَأَفْصَحَ الْخَلْقِ فِي بَيَانِ الْعِلْمِ وَأَفْصَحَ الْخَلْقِ فِي الْبَيَانِ وَالتَّعْرِيفِ وَالدَّلَالَةِ وَالْإِرْشَادِ. "

قول المصنف: «وَنَعْلَمُ أَنَّ مَا وُصِفَ اللَّهُ بِهِ مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ حَقٌّ لَيْسَ فِيهِ لُغْزٌ وَلَا أَحَاجِيٌّ»، «الأحجية» يعني ميلك بالشيء عن وجهه من الإحجاء والإلغاز، فالنصوص واضحة وليس فيها لبس، وليس فيها إشكال من جهة نفسها، وإنما الإشكال قد يقع من جهة الناس لا من جهة النصوص.

فهي نصوص واضحة في إثبات هذه الصفات، سواء كانت ذات أو صفات فعل، يجب أن تُثبت لله على الوجه اللائق به.

وقوله: «بَلْ مَعْنَاهُ يُعْرَفُ مِنْ حَيْثُ يُعْرَفُ مَقْصُودُ الْمُتَكَلِّمِ بِكَلَامِهِ»، فالله تعالى أنزل هذا القرآن بلغة العرب، ومن يعرف لغة العرب لاشك أنه يميِّز بين قوله تعالى: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ [طه: ٥]، وبين قوله: «يَنْزِلُ اللَّهُ ﷿، كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا» (١)، يميز بين هذا وبين هذا، وبين قوله تعالى يعني: ﴿بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ﴾ [المائدة: ٦٤]، ويميز كذلك بين قوله تعالى: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ﴾ [الحديد: ٤].

فهذه النصوص نزلت بلغة العرب، فدعوى هؤلاء - دعوى التعطيل - وهو أن هذه الألفاظ لا نعقل ولا نعرف معانيها، هذه دعوى باطلة، بل ألفاظ هذه النصوص مفهومة المعنى، وأعتقد أي عاقل لا يقبل هذه الدعوى لو تأمَّل فيها.

عندما تقرأ قول الله تعالى: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ﴾ [الأعراف: ٥٤]، هل وأنت تعرف


(١) انظر صحيح البخاري كتاب التهجد، بَابُ الدُّعَاءِ فِي الصَّلَاةِ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ، برقم (١١٤٥)، ومسلم كِتَابُ صَلَاةِ الْمُسَافِرِينَ وَقَصْرِهَا، بَابُ التَّرْغِيبِ فِي الدُّعَاءِ وَالذِّكْرِ فِي آخِرِ اللَّيْلِ، وَالْإِجَابَةِ فِيهِ (٧٥٨)، وأبو داود (١٣١٥)، والترمذي (٤٤٦)، وابن ماجه (١٣٦٦)، والإمام أحمد في المسند مُسْنَدُ الْمُكْثِرِينَ مِنَ الصَّحَابَةِ (٧٥٠٩)، والدارمي (١٥١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>