للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(٥٧) "فَكَمَا نَتَيَقَّنُ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ لَهُ ذَاتٌ حَقِيقَةً وَلَهُ أَفْعَالٌ حَقِيقَةً، فَكَذَلِكَ لَهُ صِفَاتٌ حَقِيقَةً. وَهُوَ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ لَا فِي ذَاتِهِ وَلَا فِي صِفَاتِهِ وَلَا فِي أَفْعَالِهِ "

من جملة القواعد التي قررها علماء أهل السنة والجماعة وأشهرها قاعدة: "القول في الصفات كالقول في الذات"، وهذه القاعدة هي أحد أدلة علماء أهل السنة في تقرير ثبوت الصفات والرد على من أنكرها، وهي قاعدة قد اتفق عليها أهل السنة والجماعة قاطبةً، ولأهميتها جعلها شيخ الإسلام ابن تيمية الأصلَ الثاني من الأصلين اللذين بنى عليهما كتابه التدمرية حيث يقول فيه: "وهذا يتبين بالأصل الثاني - وهو أن يقال: القول في الصفات كالقول في الذات" (١).

قد دل على هذه القاعدة الكتابُ العزيز، كما أجمع عليها علماء الأمة، وفيما يلي بيان ذلك:

أولًا: الدليل من الكتاب العزيز:

١ قوله تعالى: ﴿وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾.

وجه الدلالة:

(فالله تعالى وصف نفسه بأن له المثل الأعلى، وهو الكمال المطلق، المتضمن للأمور الوجودية والمعاني الثبوتية، التي كلَّما كانت أكثر في الموصوف وأكمل كان بها أكمل وأعلى من غيره.

ولما كانت صفات الرب أكثر وأكمل، كان له المثل الأعلى وكان أحق به من كل ما سواه، بل يستحيل أن يشترك في المثل الأعلى المطلق اثنان، لأنهما إن تكافآ من كل وجه، لم يكن أحدهما أعلى من الآخر، وإن لم يتكافأ، فالموصوف به أحدهما وحده، فيستحيل أن يكون لمن له المثل الأعلى مثل أو نظير، وهذا برهان قاطع على استحالة التمثيل والتشبيه، فتأمله فإنه في غاية الظهور والقوة) (٢).


(١) التدمرية: تحقيق الإثبات للأسماء والصفات وحقيقة الجمع بين القدر والشرع (ص: ٤٣).
(٢) الصواعق المنزلة ٣/ ١٠٣٢، وشرح الطحاوية ص ١٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>