للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢ قال الله تعالى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الشورى: ١١]. يقول ابن قتيبة: "أي: ليس كهو شيء، والعرب تقيم المثل مقام النفس، فتقول: مثلي لا يقال له هذا، أي: أنا لا يقال لي هذا" (١). ويقول الزجاج: "هذه الكاف مؤكدة، والمعنى: ليس مثله شيء، ولا يجوز أن يقال: المعنى مثل مثله شيء؛ لأن من قال هذا فقد أثبت المثل لله، تعالى عن ذلك علوًّا كبيرًا" (٢).

وجه الدلالة:

في الآية الكريمة نفي صريح للمماثلة والمشابهة بين الله تعالى وبين مخلوقاته، فهو تعالى لا يماثله ولا يشبهه شيء من خلقه، لا في ذاته ولا في صفاته.

يقول الشيخ عبد الرحمن السعدي: "أي: ليس يشبهه تعالى ولا يماثله شيء من مخلوقاته، لا في ذاته، ولا في أسمائه، ولا في صفاته، ولا في أفعاله، لأن أسماءه كلها حسنى، وصفاته صفة كمال وعظمة، وأفعاله تعالى أوجد بها المخلوقات العظيمة من غير مشارك، فليس كمثله شيء؛ لانفراده وتوحده بالكمال من كل وجه" (٣).

وفي هذا المعنى يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: "فإذا كان له [تعالى] ذات حقيقة لا تماثل الذوات، فالذات متصفة بصفات حقيقة لا تماثل صفات سائر الذوات" (٤).

ثانيًا: الإجماع:

يقول ابن أبي يعلى: وقد أجمع أهل القبلة: أن إثبات الباري سبحانه إنما هو إثبات وجود لا إثبات تحديد وكيفية، وأن إثبات الصفات للباري سبحانه إنما هو إثبات وجود لا إثبات تحديد وكيفية، وأنها صفات لا تشبه صفات البرية، ولا تدرك حقيقة علمها بالفكر والروية (٥).

وفيما يلي ذكر جملة من أقوال العلماء في تقرير هذه القاعدة؛ لبيان شهرتها عندهم.

١ - قول الإمام أبي الحسن عبد العزيز الكناني المكي (ت ٢٤٠ هـ):

قال الإمام عبد العزيز الكناني في كتابه (الحيدة): "فقلت له [أي: لبشر


(١) غريب القرآن لابن قتيبة (ص: ٣٩١).
(٢) معاني القرآن وإعرابه للزجاج (٤/ ٣٩٥).
(٣) تيسير الكريم الرحمن للشيخ السعدي (ص: ٧٥٤).
(٤) التدمرية: تحقيق الإثبات للأسماء والصفات وحقيقة الجمع بين القدر والشرع (ص: ٤٣).
(٥) ينظر: طبقات الحنابلة (٢/ ٢٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>