للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(٥٩) "وَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ الْحُدُوثُ لِامْتِنَاعِ الْعَدَمِ عَلَيْهِ، وَاسْتِلْزَامُ الْحُدُوثِ سَابِقَةُ الْعَدَمِ؛ وَلِافْتِقَارِ الْمُحْدَثِ إلَى مُحْدِثٍ وَلِوُجُوبِ وُجُودِهِ بِنَفْسِهِ . "

سبق وأن بين المصنف في النص السابق أن الله ﷿ يمتنع عليه النقص والحدوث حيث قال: "وَكُلُّ مَا أَوْجَبَ نَقْصًا أَوْ حُدُوثًا فَإِنَّ اللَّهَ مُنَزَّهٌ عَنْهُ حَقِيقَةً" وناقشنا فيما سبق ما يتعلق بالنقص والكمال وبيان أن الله موصوف بكل كمال ومنزه عن كل نقص.

وبين المصنف هنا امتناع الحدوث على الله واستدل لذلك بأربعة أمور:

الأمر الأول: قوله: "وَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ الْحُدُوثُ لِامْتِنَاعِ الْعَدَمِ عَلَيْهِ. "

الأمر الثاني: قوله: "وَاسْتِلْزَامُ الْحُدُوثِ سَابِقَةُ الْعَدَمِ؛ "

الأمر الثالث: قوله: "وَلِافْتِقَارِ الْمُحْدَثِ إلَى مُحْدِثٍ".

الأمر الرابع: قوله: "وَلِوُجُوبِ وُجُودِهِ بِنَفْسِهِ . ".

فالله سبحانه يمتنع عليه الحدوث بدليل امتناع العدم عليه كما قال تعالى: (هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) الحديد الآية ٣.

وهذه الأسماء فسرها النبي تفسيراً كاملاً واضحاً فقال: «أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء» (١).

قال ابن جرير: هو (الأول) قبل كل شيء بغير حد، و (الآخر) بعد كل شيء بغير نهاية، وإنما قيل ذلك كذلك، لأنه كان ولا شيء موجوداً سواه، وهو كائن بعد فناء الأشياء كلها، كما قال جل ثناؤه (كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) [القصص: ٨٨] (٢).

وقال الخطابي: (الأول) هو السابق للأشياء كلها، الكائن الذي لم يزل قبل وجود الخلق، فاستحق الأولية إذ كان موجوداً ولا شيء قبله ولا معه. ثم ذكر الحديث (٣).


(١) رواه مسلم (٢٧١٣).
(٢) تفسير الطبري: ٢٧/ ١٢٤.
(٣) شأن الدعاء ص ٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>