للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد سبق ذكر معاني التعطيل في اللغة، وفي الاصطلاح الشرعي، وذكرت هناك أن التعطِّيل في جانب الأسماء والصِّفات: هو نفي أسماء الله أو صفاته أو بعضها، وإنكار قيامها بذات الله تعالى (١).

وهذا المعنى هو الذي تبرأ منه السلف، وميزوا عقيدتهم عن عقيدة المعطلة كما سيأتي شيء من أقوالهم في ذلك، بإذن الله تعالى.

أما التشبيه (٢) الذي يراد نفيه في هذا الباب، فهو: اعتقاد ثبوت شيء من خصائص المخلوق لله ﷿ في ذاته أو أسمائه أو صفاته أو أفعاله، أو إثبات شيء مما يختص به الخالق ﷿ في ذاته أو أسمائه أو صفاته أو أفعاله أو حقوقه للمخلوق مما يجعل فيه حظاً من الألوهية (٣).

والمراد بالتشبيه في الصفات: الغلو في إثباتها إلى حدّ اعتقاد مساواتها لصفات المخلوقين، وقد يعبّر عنه بالتمثيل (٤).

فالله جلَّ وعلا ليس كمثله شيء بوجه من الوجوه، لا في ذاته، ولا في صفاته، ولا في أفعاله؛ لأنه القائل: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ (٥)، فمن هذا الأصل القرآني العظيم، يقوم معتقد السلف الصالح في إثبات الصفات لله ﷿؛ لأن قوله تعالى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾، ردٌّ على أهل التمثيل، وقوله: ﴿وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾، ردٌّ على أهل التعطيل (٦)، والله ﷿ قد جمع في هذا الأصل القرآني العظيم بين الإثبات والتنزيه.

ولهذا فإن السلف-رحمهم الله تعالى-أثبتوا لله الصفات، مع تنزيهه عن مشابهة المخلوقات في شيء مما يثبت له.

وهم يعتقدون أن الواجب في نصوص الأسماء والصفات الواردة في القرآن


(١) انظر: شرح العقيدة الواسطية، لمحمد خليل هراس ص (٢١)، الكواشف الجلية عن معاني الواسطية
ص (٨٧)، مقالة التعطِّيل ص (١٨، ٢٢).
(٢) التشبيه في اللغة: مصدر شبَّه يُشبِّه تشبيهاً، وهو التمثيل، انظر: المعجم الوسيط (١/ ٤٧١).
والتشبيه في الاصطلاح: الدلالة على مشاركة أمر لآخر في المعنى، انظر التعريفات ص (٦٦).
(٣) انظر: درء تعارض العقل والنقل (٧/ ٣٢٧)، التدمرية (ص ٣٩ - ٤٠)، إغاثة اللهفان (٢/ ٣٢٢)، فتح رب البرية بتلخيص الحموية (ص ٢٠).
(٤) انظر: التشبيه والتمثيل في الصفات (ص ٢٣).
(٥) الآية [١١] من سورة الشورى.
(٦) انظر: مجموع الفتاوى (٢/ ١٢٦، ٥/ ١٩٦)، منهاج السنة النبوية (٢/ ١١١)، شرح العقيدة الطحاوية (٢/ ٧٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>