للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والسنة هو إجراؤها على ظاهرها، وأن لا يُتَعرض لها بتحريف أو تعطيل كما فعل المعطِّلة.

ولا يُعتقد أن صفات الله ﷿ تشبه شيئاً من صفات المخلوقين، كما فعل المشبهة، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.

فتبين من هذا أن التنزيه في الصفات الثبوتية، لا يكون بنفيها وتعطيل الخالق عنها، وأن السلف الصالح رضوان الله عليهم، لم يمنعهم تنزيه الله ﷿ عن إثبات الصفات له.

كما لا يفهم منه تعطيل المعنى، وأن مذهب السلف هو الإيمان بالألفاظ فقط دون التطرق للمعاني، وهو ما يسميه من ينسبه إليهم: "مذهب التفويض"، واستدلوا لذلك بقول أكثر من واحد من أئمة السلف في نصوص الصفات: «أمروها كما جاءت» وهم إنما نفوا العلم بالكيفية، ولم ينفوا حقيقة الصّفة.

وهم أيضاً لما أثبتوا هذه الصفات لم يعتقدوا أنها تماثل أو حتى تقارب صفات المخلوقين، لعلمهم بعظم الفرق بين الخالق والمخلوق.

ومن أعظم الافتراءات التي أشاعها المعطلة النفاة لأسماء الله وصفاته، وصفهم أهل السنة والجماعة-كذباً وزوراً-بأنهم مشبِّهة مجسِّمة، وما ذلك إلا لتمسكهم بما جاءهم عن الله ﷿ في كتابه أو على لسان رسوله .

وهي فرية قديمة تلقفها المعطلة النفاة خلفاً عن سلفٍ، يدل على ذلك تقدم كلام السلف في دحض هذه الشبهة ودفع هذه الفرية، من ذلك قول الإمام ابن خزيمة-: «فاسمعوا يا ذوي الحجا ما نقول في هذا الباب، ونذكر بهت الجهمية، وزورهم وكذبهم، على علماء أهل الآثار، ورميهم خيار الخلق-بعد الأنبياء-بما الله قد نزههم عنه، وبرأهم منه، بتزور الجهمية على علمائنا أنهم مشبِّهة» (١).

وسبب هذه الفرية على أهل السنة ما قاله شيخ الإسلام: «فالمعتزلة والجهمية ونحوهم من نفاة الصفات، يجعلون كل من أثبتها مجسِّماً مشبِّهاً» (٢).

وقد تواترت النصوص من القرآن والسنة والآثار عن السلف الصالح في إثبات


(١) التوحيد لابن خزيمة (١/ ١١٤)، وانظر: شرح أصول اعتقاد أهل السنة (٣/ ١٧٩، ٥٣٣)، المختار
في أصول السنة (ص ٨٢).
(٢) منهاج السنة (٢/ ١٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>