للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(٦٤) "ثم المخالفون للكتاب والسنة وسلف الأمة من المتأولين لهذا الباب في أمر مريج، فإن من ينكر الرؤية، يزعم أن العقل يحيلها، وأنه مضطر فيها إلى التأويل، ومن يحيل أن لله علمًا وقدرة، وأن يكون كلامه غير مخلوق ونحو ذلك يقول: إن العقل أحال ذلك، فاضطر إلى التأويل، بل من ينكر حقيقة حشر الأجساد، والأكل والشرب الحقيقي في الجنة يزعم أن العقل أحال ذلك، وأنه مضطر إلى التأويل، ومن زعم أن الله ليس فوق العرش يزعم أن العقل أحال ذلك، وأنه مضطر إلى التأويل.

(٦٥) ويكفيك دليلاً على فساد قول هؤلاء أن ليس لواحد منهم قاعدة مستمرة فيما يحيله العقل، بل منهم من يزعم أن العقل جوّز أو أوجب ما يدّعي الآخر أن العقل أحاله.

(٦٦) فيا ليت شعري بأي عقل يُوزن الكتاب والسنة، فرضي الله عن الإمام مالك بن أنس حيث قال: "أوَكلما جاءنا رجل أجدل من رجل تركنا ما جاء به جبريل إلى محمد لجدل هؤلاء؟ "" (١).

تدرج المصنف في دفع دعوى الخصم في تقديم العقل على النقل وبين أن هذه الدعوى مردودة:

فمن الردود عليهم أن أصحاب هذا القول مختلفون فيما بينهم في القدر الذي يثبت وينفى مما وردت به صوص الكتاب والسنة، فإذا كان الأشعري والماتريدي يثبتون رؤية المؤمنين لربهم يوم القيامة، فإن المعتزلي والجهمي ينكرون ذلك وحجتهم هي أن العقول لا تجيز ذلك.

وإذا كان الأشعري والماتريدي يقرون بصفة العلم والقدرة والكلام بحجة أن العقول تثبت ذلك، فإن المعتزلة والجهمية على خلاف ذلك ينكرون هذه الصفات ويؤولونها بحجة أن العقل لا يجيزها.


(١) انظر حليلة الأولياء لأبي نعيم الجزء السادس، صفحة (٣٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>