للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وإذا كان الأشاعرة والماتريدية والمعتزلة يثبتون حشر الأجساد، والأكل والشرب الحقيقي في الجنة، فإن الفلاسفة ينكرونها بحجة أن العقل لا يجيزها يؤولون النصوص التي وردت بذلك.

وإذا كانت جميع طوائف أهل الكلام تنكر علو الله واستوائه على العرش بزعم أن العقول تحيل ذلك وأنهم مضطرون إلى تأويلها، بالرغم من ورود النصوص بإثبات هذه الصفات.

وقول المصنف: "ومن زعم أن الله ليس فوق العرش يزعم أن العقل أحال ذلك، وأنه مضطر إلى التأويل".

يؤمن أهل السنة بعلو الله على خلقه واستوائه على عرشه، وأنه بائن من خلقه وهم بائنون منه.

وقد وافقهم على قولهم في إثبات العلو عامة الصفاتية، كأبي محمد عبد الله بن سعيد بن كلاب وأتباعه، وأبي العباس القلانسي (١)، وأبي الحسن الأشعري والمتقدمين من أصحابه.

وهو قول الكرامية ومتقدمي الشيعة الإمامية (٢).

وقد استدل أهل السنة والجماعة على إثبات صفة العلو بالقرآن، والسنة، والإجماع، والعقل، والفطرة.

ودعوى هؤلاء المعطلة بأن العقل يحيل إثبات العلو هي دعوى مردودة فقد استدل علماء أهل السنة على إثبات صفة العلو بأدلة عقلية كثيرة وسأورد ههنا ثلاثة منها:

الدليل الأول: قول الإمام أحمد رحمه الله تعالى: "إذا أردت أن تعلم أن الجهمي كاذب على الله تعالى حين زعم أنه في كل مكان ولا يكون في مكان دون مكان فقل له: أليس كان الله ولا شيء؟

فسيقول: نعم.

فقل له: حين خلق الشيء هل خلقه في نفسه؟ أم خارجاً عن نفسه؟


(١) قال عنه ابن عساكر في تبيين كذب المفتري (ص ٢٩٨): «أبو العباس أحمد بن عبد الرحمن بن خالد القلانسي الرازي، من معاصري أبي الحسن الأشعري لا من تلاميذه، كما قال الأهوازي، وهو من جلة العلماء الكبار الأثبات، واعتقاده موافق لاعتقاده في الإثبات، (أي موافق لاعتقاد الأشعري).
(٢) انظر مجموع الفتاوى (٢/ ٢٩٧)، ونقض تأسيس الجهمية (١/ ١٢٧، ٢/ ١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>