للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فدين اليهود والنصارى بعد النسخ والتبديل خير من دين هؤلاء.

وحَسبُكَ جهلاً بالله تعالى، وأسمائه، وصفاته، وأفعاله، من يقول: إنه سبحانه لو علم الموجودات لحقه الكلال والتعب، واستكمل بغيره. وحسبك خذلاناً، وضلالاً وعمى: السير خلف هؤلاء، وإحسان الظن بهم، وأنهم أولو العقول" (١).

والذي ينبغي معرفته أن الفلاسفة لا يؤمنون بوجود الله حقيقة، ولا يؤمنون بوحي ولا نبوة ولا رسالة، وينكرون كل غيب، فالمبادئ الفلسفية جميعها تقوم على أصلين هما:

الأصل الأول: أن الأصل في العلوم هو عقل الإنسان، فهو عندهم مصدر العلم.

الأصل الثاني: أن العلوم محصورة في الأمور المحسوسة المشاهدة فقط.

فتحت الأصل الأول أبطلوا الوحي، وتحت الأصل الثاني أبطلوا الأمور الغيبية بما فيها الإيمان بالله واليوم الآخر.

وقد تسلط الفلاسفة على المسائل الاعتقادية وزعموا أنها مجرد أوهام وخيالات لا حقيقة لها ولا وجود لها في الخارج، فلا الله موجود حقيقة، ولا نبوة ولا نبي على التحقيق، ولا ملائكة، ولا جنة ولا نار، ولا بعث ولا نشور.

وهم ينقسمون إلى قسمين:

القسم الأول: أهل فلسفة محضة كالفارابي والكندي وابن رشد الحفيد (٢).

القسم الثاني: أهل فلسفة باطنية وتنقسم إلى قسمين:

الأول: فلسفة باطنية إسماعيلية قرمطية كابن سينا وإخوان الصفا (٣).

الثاني: فلسفة صوفية اتحادية كابن عربي وابن سبعين وابن الفارض.

وقوله: "فإنهم يقولون: إن ما ذكره الرسول من أمر الإيمان بالله واليوم الآخر إنما هو تخييل للحقائق لينتفع به الجمهور، لا أنه بَيَّنَ به الحق، ولا هدى به الخلق، ولا أوضح الحقائق".

فالفلاسفة دعواهم العريضة في هذا الباب هي قوله: إن ما ذكره الرسول إنما هو من باب الوهم والتخييل، وهم يقولون: ليس هناك أصلاً نبوَّة على الحقيقة، وأن النبوَّة على زعمهم إنما هي أمرٌ مكتسب كأي مهنة من المهن، وأن هذا النبي استطاع


(١) إغاثة اللهفان (٢/ ٢٦١ - ٢٦٢).
(٢) -منهاج السنة ٢/ ٥٢٣، ٥٢٤.
(٣) -شرح العقيدة الأصفهانية ص ٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>