للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومن الناس من يحكي نحو هذا عن الحلاج، وحقيقة هذا القول هو الجهل البسيط والكفر البسيط، الذي مضمونه الإعراض عن الإقرار بالله ومعرفته وحبه وذكره وعبادته ودعائه. (١)

الدرجة الرابعة: أهل وحدة الوجود.

الذين لا يميزون الخالق بصفات تميزه عن المخلوق، ويقولون بأن وجود الخالق هو وجود المخلوق. فعلى سبيل المثال هم يقولون بأن الله هو المتكلم بكل ما يوجد من الكلام وفي ذلك يقول ابن عربي:

ألا كل قول في الوجود كلامه … سواء علينا نثره ونظامه

يعم به أسماع كل مكون … فمنه إليه بدؤه وختامه (٢)

فيزعمون أنه هو المتكلم على لسان كل قائل. ولا فرق عندهم بين قول فرعون: ﴿أنا ربُّكم الأعلى﴾ (٣) ﴿وما علمت لكم من إله غيري﴾ (٤) وبين القول الذي يسمعه موسى ﴿إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكري﴾ (٥). بل يقولون: إنه الناطق في كل شيء، فلا يتكلم إلا هو، ولا يسمع إلا هو، حتى قول مسيلمة الكذاب، والدجال، وفرعون، يصرحون بأن أقوالهم هي قوله) (٦)

وهذا قول أصحاب وحدة الوجود كابن عربي، وابن سبعين وابن الفارض، والعفيف التلمساني.

وأصل مذهبهم: أن كل واحد من وجود الحق، وثبوت الخلق يساوى الآخر ويفتقر إليه وفي هذا يقول ابن عربي:

فيعبدني وأعبده … ويحمدني وأحمده (٧)

ويقول: إن الحق يتصف بجميع صفات العبد المحدثات، وإن المحدث يتصف بجميع صفات الرب، وإنهما شيء واحد إذ لا فرق في الحقيقة بين الوجود والثبوت (٨) فهو الموصوف عندهم بجميع صفات النقص والذم والكفر والفواحش والكذب والجهل، كما هو الموصوف عندهم بصفات المجد والكمال فهو العالم


(١) -الصفدية ١/ ٩٦، ٩٨.
(٢) -الفتوحات المكية ٤/ ١٤١ ط: دار صادر، بيروت.
(٣) -الآية ٢٤ من سورة النازعات.
(٤) -الآية ٢٨ من سورة القصص.
(٥) -الآية ١٤ من سورة طه.
(٦) -بغية المرتاد ص ٣٤٩.
(٧) -فصوص الحكم ١/ ٨٣.
(٨) -بغية المرتاد ص ٣٩٧، ٣٩٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>