للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والجاهل، والبصير والأعمى، والمؤمن والكافر، والناكح والمنكوح، والصحيح والمريض، والداعي والمجيب، والمتكلم والمستمع، وهو عندهم هوية العالم ليس له حقيقة مباينة للعالم، وقد يقولون لا هو العالم ولا غيره، وقد يقولون: هو العالم أيضا وهو غيره، وأمثال هذه المقالات التي يجمع فيها في المعنى بين النقيضين مع سلب النقيضين. (١)

وهؤلاء الاتحادية يجمعون بين النفي العام والإثبات العام فعندهم أن ذاته لا يمكن أن ترى بحال وليس له اسم ولا صفة ولا نعت، إذ هو الوجود المطلق الذي لا يتعين، وهو من هذه الجهة لا يرى ولا اسم له.

ويقولون: إنه يظهر في الصور كلها، وهذا عندهم هو الوجود الاسمي لا الذاتي، ومن هذه الجهة فهو يرى في كل شيء، ويتجلى في كل موجود، لكنه لا يمكن أن ترى نفسه، بل تارة يقولون كما يقول ابن عربي: ترى الأشياء فيه، وتارة يقولون يرى هو في الأشياء وهو تجليه في الصور، وتارة يقولون كما يقول ابن سبعين:

"عين ما ترى ذات لا ترى … وذات لا ترى عين ما ترى".

وهم مضطربون لأن ما جعلوه هو الذات عدم محض، إذ المطلق لا وجود له في الخارج مطلقاً بلا ريب، لم يبق إلا ما سموه مظاهر ومجالي، فيكون الخالق عين المخلوقات لا سواها، وهم معترفون بالحيرة والتناقض مع ما هم فيه من التعطيل والجحود. (٢)

وفي هذا يقول ابن عربي:

فإن قلت بالتنزيه كنت مقيداً … وإن قلت بالتشبيه كنت محدداً

وإن قلت بالأمرين كنت مسدداً … وكنت إماماً في المعارف سيداً

فمن قال بالإشفاع كان مشركاً … ومن قال بالإفراد كان موحداً

فإياك والتشبيه إن كنت ثانياً … وإياك والتنزيه إن كنت مفرداً

فما أنت هو بل أنت هو وتراه … في عين الأمور مسرحا ومقيداً (٣)

«خلاصة أقوال غلاة المعطلة»

كلام غلاة المعطلة المتقدم ذكره يدور على أحد أصلين:


(١) -بغية المرتاد ص ٤٠٨.
(٢) -بغية المرتاد ص ٤٧٣.
(٣) -بغية المرتاد ص ٥٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>