للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(٧٢) "وأما أهل التأويل: فيقولون: إن النصوص الواردة في الصفات لم يقصد بها الرسول أن يعتقد الناس الباطل، ولكن قصد بها معاني ولم يبين لهم تلك المعاني، ولا دَلَّهم عليها، ولكن أراد أن ينظروا فيعرفوا الحق بعقولهم، ثم يجتهدوا في صرف تلك النصوص عن مدلولها، ومقصوده امتحانهم وتكليفهم إتعاب أذهانهم وعقولهم في أن يصرفوا كلامه عن مدلوله ومقتضاه، ويعرفوا الحق من غير جهته، وهذا قول المتكلمة، والجهمية والمعتزلة ومن دخل معهم في شيء من ذلك".

يذكر المصنف هنا القسم الثاني من مسلك التبديل وهو مسلك التأويل والتحريف، وأهل هذا المسلك الذين قصدهم المصنف بقوله: "وأما أهل التأويل" هم طوائف أهل الكلام وهم: الجهمية والمعتزلة والكلابية والأشاعرة والماتريدية.

والفرق بين مسلك أهل الوهم والتخييل ومسلك أهل التأويل والتحريف من وجهين:

الوجه الأول: فأحد الفروق بين مسلك الفلاسفة ومسلك أهل الكلام:

• أن الفلاسفة يعمِّمون قولهم في كل غيب، فيتكلمون بهذا الزعم في مسائل الإيمان بالله وفي مسائل الإيمان باليوم الآخر، بل إن الأمر يتعدى ذلك إلى الأمور العملية.

• أما أهل الكلام فيطلقون هذه العبارات في أبواب دون أبواب، فهم دونهم في هذا الأمر، فهم يعمِّمون مثل هذه الأقوال في مسائل الصفات دون مسائل الإيمان باليوم الآخر، مع ما عند الجهمية والمعتزلة من خلل في بعض مسائل المعاد كمسائل عذاب القبر، وكذلك الشفاعة وفناء الجنة والنار وغيرها من المسائل التي تتعلق باليوم الآخر.

فإطلاقهم بمثل هذه العبارات خاص في باب الصفات ولذلك قال المصنف: "فيقولون: إن النصوص الواردة في الصفات" فخص بالذكر باب الصفات دون غيره من الأبواب.

<<  <  ج: ص:  >  >>