(٧)"إذا كان قد وقع ذلك منه، فمن المحال أن [يكون] خير أمته وأفضل قرونها قصروا في هذا الباب، زائدين فيه أو ناقصين عنه. ثم من المحال أيضًا أن تكون القرون الفاضلة القرن الذي بعث فيهم رسول الله ﷺ ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم كانوا غير عالمين و [غير] قائلين في هذا الباب بالحق المبين،"
أي إذا كان النبي ﷺ قد بين ووضح وأحكم وأتقن هذا الباب، فأيضاً هل تتوقع من خير الأمة من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين أن يكونوا قد فرطوا في هذا الباب هل هذا أمر يتوقع منهم؟ والله يستحيل.
وقد يشكك مشكك فيقول: قد يكون الصحابة والتابعون كانوا مشغولين بالجهاد، وهذا أمر أشغلهم عن العلم، وهذا ليس بصحيح أبداً فما أشغلهم الجهاد عن العلم، وما أشغلهم حتى عن العبادة والطاعة، بل كانوا رهباناً وعُبَّادا في الليل وفرساناً في النهار، وكانوا على حلق العلم هكذا علمهم وعودهم النبي ﷺ فكانوا أعلم هذه الأمة.
وهم أتقى الأمة، فأصحاب النبي ﷺ هم أفضلها، فهذه الخيرية ثابتة لهم من كل وجه، فهم أعلمنا، وهم أفضلنا، وهم أتقانا، ولذلك النبي ﷺ يقول:«لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ»(١)، وأحد جبل في المدينة معروف بكبر حجمه، فلو كان عندك مثل أحد ذهباً ما بلغت مد أحدهم ولا نصيفه.
ويؤكد المصنف ﵀ أنه يستحيل أن يقع التقصير في هذا الباب أو الإهمال من
(١) انظر صحيح البخاري كتاب أصحاب النبي ﷺ، بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ: «لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا»، برقم (٣٦٧٣)، ومسلم كتاب فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمْ، بَابُ تَحْرِيمِ سَبِّ الصَّحَابَةِ ﵃ (٢٥٤١)، وأبو داود (٤٦٥٨)، والترمذي (٣٨٦١)، والإمام أحمد في المسند مُسْنَدُ الْمُكْثِرِينَ مِنَ الصَّحَابَةِ (١١٠٧٩).