للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يحتاج إليه من كيف وكيف» (١).

وقال الخطابي--في معالم السنن: «وفيه كراهية التعمق والتكلف فيما لا حاجة للإنسان إليه من المسائل، ووجوب التوقف عما لا علم للمسؤول به» (٢).

ولا شك أن معرفة حقيقة كنه الله ﷿، وكيفية ذاته وصفاته، مما لا يحتاج إليه أحد، ولا يتوقف الإيمان به على معرفة كيفية ذاته وصفاته، فالبحث في ذلك من التعمق والتكلف فيما لا حاجة للإنسان إليه، فوجب التوقف عما لا علم للإنسان به، ولا يمكنه أن يحيط به بحال من الأحوال.

وقول المصنف: "فقول ربيعة ومالك: "الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول" موافقٌ لقول الباقين: "أمِرُّوها كما جاءت بلا كيف"، فإنما نفوا علم الكيفية، ولم ينفوا حقيقة الصفة".

فقد علَّق الإمام الذهبي-، على قول الإمام مالك بقوله: «وهو قول أهل السنة قاطبة: أن كيفية الاستواء لا نعقلها بل نجهلها، وأن استواءه معلوم كما أخبر في كتابه، وأنه كما يليق به، لا نعمِّق ولا نتحذلق، ولا نخوض في لوازم ذلك نفياً ولا إثباتاً، بل نسكت ونقف كما وقف السلف، ونعلم أنه لو كان له تأويل لبادر إلى بيانه الصحابة والتابعون، ولما وسعهم إقراره وإمراره والسكوت عنه، ونعلم يقيناً مع ذلك أن الله لا مثل له لا في صفاته، ولا في استوائه ولا في نزوله ) (٣).

وقد بيَّن الإمام ابن عبد البر- (ت ٤٦٣ هـ) أن أهل السنة والجماعة لا يخوضون في شأن الكيفية بل: «يفزعون منها؛ لأنها لا تصلح إلا فيما يحاط به عياناً وقد جلَّ الله وتعالى عن ذلك، وما غاب عن العيون؛ فلا يصفه ذووا العقول إلا بخبر، ولا خبر في صفات الله إلا ما وصف نفسه به في كتابه، أو على لسان رسوله ، فلا نتعدى ذلك إلى تشبيه، أو قياس، أو تمثيل، أو تنظير، فإنه: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾» (٤).

وقال الإمام البغوي- (ت ٥١٠ هـ): «إن الامتناع عن الخوض

في صفات الله تعالى بالتكييف والتشبيه واجب، وأن المهتدي من سلك في نصوص الصفات طريق التسليم، وأن الخائض فيها زائغ، والمنكر معطِّل، والمكيِّف مشبِّه، تعالى الله عما


(١) أورده ابن بطة في الإبانة (١/ ٤٠١).
(٢) معالم السنن (٥/ ٢٥٠).
(٣) العلو (٢/ ٩٥٤).
(٤) التمهيد (٧/ ١٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>