فمراد شيخ الإسلام بهذه المقدمة أن يقرر هذه المسألة التأصيلية؛ لأنها مفترق الطرق، فإما أن يسلك المتعلم طريق الكتاب والسنة أو طريق الفلسفة والمنطق، فلا شك أن الناشئ عندما يدرس في أي علمٍ لابد أن يكون هناك أصول يرجع إليها.
فكل إنسان يتعلم أي علم لابد أن يكون لذلك العلم مصادر وأصول يرجع إليها، فعليه أن يختار لنفسه إلى أي أصلٍ يرجع؟ فإما أن يكون أصله ومأخذه في هذا الأمر قال الله تعالى وقال رسوله ﷺ وقال الصحابة والتابعون وتابعو التابعين وقال أئمة الإسلام، أو يقول كما قال هؤلاء: قال الفضلاء قال العقلاء كما يسمونهم؟
فيريد المصنف بهذه المقدمة أن يكون في ذهن السائل أحد طريقين:
إما أن يكون الأصل والمرجع في هذه المسائل إلى أصول السلف الصالح وهي كلام الله تعالى وكلام رسوله ﷺ، وكلام الصحابة والتابعين وتابعي التابعين وأئمة هذا الدين.
وإما أن يكون أمراً مركباً على الفلسفة والمنطق كما ركبه هؤلاء.
ولذلك يلاحظ أن هؤلاء الذين خالفوا منهج السلف في هذا الباب إذا أرادوا أن يُدرِّسوا أو يَدْرسوا مسائل التوحيد على طريقتهم في مدارسهم، فإنهم يحتاجون إلى الفلسفة والمنطق إذا أرادوا التوسع في هذه المسائل والتعمق فيها ولا يرجعون في ذلك إلى الكتاب والسنة؛ لأن فاقد الشيء لا يعطيه.
فهذه مقدمة سطرها شيخ الإسلام ليرسم فيها أصلاً وأساساً وقاعدة يضعها القارئ أو المستمع لكلامه في ذهنه، فيقول مخاطباً له أي الطريقين تختار وأي السبيلين تسلك؟، فإما أن ترضى بكلام الله ﷿ وكلام رسوله ﷺ وكلام سلف الأمة رضوان الله عليهم وخير هذه الأمة وإما أن تحيد عن ذلك وتسلك ما سلكه القوم في هذا الباب.