(٩)"ثم الكلام عنهم في هذا الباب أكثر من أن يمكن سطره في هذه الفتوى أو أضعافها، يعرف ذلك من طلبه وتتبعه،
أي أن الكلام عن منزلة السلف الصالح من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين ومكانتهم في الدين وأنهم أعلم الأمة وأفهمها وأعرفها بدين الله استفاضت به كتب أهل السنة والجماعة، بل إن علمهم وفقههم وكتبهم مبنية عليه، وقد أجمع علماء الحديث على عدالة الصحابة ﵃، ولا شك في صحة جميع ما يروونه. كما اعتبر علماء الأصول قول الصحابي مصدرا من مصادر التشريع الإسلامي.
وما من عالم من علماء الأمة إلا وهو يثني عليهم ويعرف لهم منزلتهم ومكانتهم وفضلهم وشرفهم، ولا يخالف في ذلك إلا من كان صاحب بدعة ولله در الإمام مالك إمام دار الهجرة "فقد روي أبو عروة الزبيري من ولد الزبير: كنا عند مالك بن أنس، فذكروا رجلاً ينتقص أصحاب رسول الله ﷺ، فقرأ مالك هذه الآية:[مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ] حتى بلغ [لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ]، فقال مالك: من أصبح من الناس وفي قلبه غيظ على أحد من أصحاب رسول الله ﷺ فقد أصابته هذه الآية.
قال الإمام القرطبي: لقد أحسن مالك في مقالته وأصاب في تأويله، فمن نقص واحداً منهم أو طعن عليه في روايته فقد رد على الله رب العالمين، وأبطل شرائع المسلمين". (١)
(١) الجامع لأحكام القرآن، للإمام أبي عبد الله محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي ١٦/ ٢٨٣