للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(٩٦) "وفي كتاب [الفقه الأكبر] المشهور عند أصحاب أبي حنيفة الذي رووه بالإسناد عن أبي مطيع الحكم بن عبد الله البلخي قال: سألت أبا حنيفة عن الفقه الأكبر فقال: لا تكفرنَّ أحدًا بذنب، ولا تنف أحداً به من الإيمان، وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وتعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك، ولا تتبرأ من أحدٍ من أصحاب رسول الله -ولا توالي أحدًا دون أحد، وأنت تردَّ أمر عثمانٍ وعليٍّ إلى الله ﷿".

قال الإمامُ أبو حنيفة--في كتاب «الفقه الأكبر»: «ولا تُكَفِّرَنَّ أحدًا بذنبٍ»، والمقصود هنا: تكفير مُرتكب الكبيرة، وكما هو معلوم؛ فإن الخوارج قالوا: إنَّ مرتكب الكبيرة يُعَدُّ خارجًا من الإيمان؛ فكفروا مرتكب الكبيرة. وهكذا فعلتِ المعتزلةُ؛ على اختلافٍ بينهم في حكم مُرتكب الكبيرة في الدنيا؛ فإن المعتزلة قالوا: إنَّه في منزلة بين منزلتين، واتفقوا مع الخوارج في الحُكم عليه في الآخرة بأنه مُخَلَّدٌ في النار.

ومسألة التَّكفير مسألةٌ عظيمة وخطيرة، وقد حصل فيها زَلَلٌ في القديم وفي الحديث، ونحن في هذا العصر نلمس شيئًا من هذا الزَّلل بسبب أنَّ كثيرًا من الناس لا يَفهم هذه المسألة على ما هي عليه، وعلى الوجه الحقِّ الذي هي فيه.

ولذلك، فإنَّ بعضَ طلبة العلم المُبتدئين-للأسف الشديد-لا يَفهمون هذه المسألة فهمًا صحيحًا، ولا يَرجعون فيها إلى مُعتقد أهل السُّنَّة والجماعة، ولذلك لا بد أن نتوقف وقفة عند هذه المسألة؛ (مسألة التكفير)، أو ما يُسَمَّى: (الكفر المُطلق والكفر المُعَيَّن).

ولا بد أن يَعلم طالبُ العِلم أن عند أهل السُّنَّة والجماعة في هذا الباب أمرين:

- الأمر الأول: أن يعلم ما هي المسائل التي تُوجب الكفر؟ وما هو الكفر؟ وهذا ما يُسمى ب (الكفر المُطْلَق)، أي: متى يكون حكم القول أو الفعل أو الاعتقاد كفر، وهذا أمرٌ مهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>