للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثانيا: أن ما استدل به المعتزلة لا أصل له من الكتاب أو السنة بل هو مأخوذ من كلام الفلاسفة الذين يزعمون أن للعالم صانعاً ليس بعالم ولا قادر ولا حي (١).

كما أن مذهب المعتزلة في الذات قريب من مذهب اليونان القائلين بأن ذات الله واحدة لا كثرة فيها بوجه من الوجوه (٢).

ثالثاً: أن أصل هذه القاعدة التي اعتمد عليها المعتزلة في نفي الصفات إنما هي مأخوذة من قولهم في دليل حدوث العالم (٣) الذي أثبتوا فيه حدوث العالم بحدوث الأجسام. وهذا الدليل قد بين الأشعري في رسالته إلى أهل الثغر: أنه دليل محرم في شرائع الأنبياء، ولم يستدل به أحد من الرسل ولا أتباعهم (٤)، فهي بهذا طريق يحرم سلوكها لما فيها من الخطر والتطويل وما يلزم عليها من لوازم باطلة لأنها مستلزمة لنفي الصانع بالكلية، وهي مستلزمة لنفي صفاته ونفي أفعاله ونفي المبدأ والمعاد، فهذه الطريق لا تتم إلا بنفي سمع الرب وبصره وقدرته وحياته وإرادته وكلامه فضلاً عن نفي علوه على خلقه ونفي الصفات الخبرية من أولها إلى آخرها، فلو صحت هذه الطريقة لنفت الصانع وأفعاله وصفاته وكلامه وخلقه للعالم وتدبيره له.

وما يثبته أصحاب هذه الطريقة من ذلك لا حقيقة له بل هو لفظ لا معنى له، وأن الله بذاته في كل مكان، وقال إخوانهم إنه ليس داخل العالم ولا خارج العالم، وقالوا بخلق القرآن إلى غير ذلك من اللوازم الباطلة (٥).

٣ شبه متأخري الأشاعرة:

وهم أيضاً ينفون صفة العلو لأنها من الصفات الخبرية (٦)، ومعلوم أن مذهب متأخري الأشاعرة في الصفات أنهم يثبتون سبع صفات فقط وهي ما يسمونها بصفات المعاني وهي العلم والقدرة والإرادة والحياة والسمع والبصر والكلام، وهم يثبتون لهذه الصفات أربعة أحكام هي:


(١) مقالات الإسلاميين (٢/ ١٧٧)، وموقف المعتزلة من السنة النبوية (٥٣).
(٢) موقف المعتزلة من السنة النبوية (٥٣).
(٣) انظر الكلام على دليل حدوث العالم في مجموع الفتاوى (١٣/ ١٥٣).
(٤) انظر كتاب رسالة إلى أهل الثغر (ص ١٦٤ - ١٧٢) تحقيق عبد الله شاكر الجنيدي، رسالة ماجستير من قسم الدراسات العليا بالجامعة الإسلامية.
(٥) مختصر الصواعق (١/ ٢٥٦، ٢٥٧)، ودرء تعارض العقل والنقل (١/ ٣٨ - ٤٠).
(٦) الصفات الخبرية وتسمى الصفات السمعية وهي: ما كان الدليل عليها مجرد خبر الرسول دون استناد إلى نظر عقلي كالاستواء والنزول والمجيء وغير ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>