للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١ أن هذه الصفات ليست هي الذات بل زائدة عليها فصانع العالم عندهم عالم بعلم وحي بحياة وقادر وهكذا.

٢ أن هذه الصفات كلها قائمة بذات الله تعالى ولا يجوز أن يقوم شيء منها بغير ذاته لأن الدليل دل على أنه متصف بها ولا معنى لاتصافه بها إلا قيامها بذاته، حتى لو قلنا: إنه عالم كان هو بعينه مفهوم قولنا قام بذاته علم، فلا تكون الصفة لشيء إلا إذا قامت به لا بغيره.

٣ أن هذه الصفات كلها قديمة لأنها إن كانت حادثة كان القديم محلاً للحوادث وهذا محال، أو متصف بصفة لا تقوم به وذلك أظهر استحالة.

٤ أن الأسماء المشتقة لله تعالى من هذه الصفات السبع صادقة عليه أزلاً وأبداً فهو في القدم كان حياً قادراً عليماً سميعاً بصيراً متكلماً (١).

فهم على قولهم هذا لا يثبتون سوى هذه الصفات السبع فقط لأنها قديمة. أما باقي الصفات التي يسمونها الصفات الخبرية فهم ينفونها جميعها، بدعوى تنزيه ذات الله عن الحوادث.

ومتأخرو الأشاعرة هؤلاء وإن كانوا يخالفون المعتزلة في جعلهم الصفة غير الذات كما في الحكم الأول فيثبتون الصفات القديمة من هذا الباب، إلا أنهم قد وافقوا المعتزلة في دليلهم المسمى بدليل نفي الحوادث فنفوا باقي الصفات الأخرى، ذلك لأن قولهم في الحكم الثالث من الأحكام الأربعة التي أوردناها إنها لو كانت حادثة لكان القديم محلا للحوادث، هو بعينه ما استدل به المعتزلة على نفي الصفات (٢).

ويقول متأخرو الأشاعرة في دليلهم العقلي على نفي العلو إن إثبات العلو يقتضي إثبات الجهة وإثبات الجهة يقتضي كونه جسماً، وكونه جسماً يقتضي كونه مركباً، والمركب مفتقر إلى جزئيه، والمفتقر إلى جزئيه لا يكون إلا حادثا والله سبحانه منزه عن الحوادث (٣).

فعلى قولهم هذا يكونون هم والمعتزلة على دليل واحد، وقد سبق أن ذكرنا الرد على المعتزلة فيكون الرد على هؤلاء من جنس الرد على أولئك، ويضاف إلى ذلك أن القول في الصفات التي نفاها هؤلاء هو كالقول في الصفات التي أثبتوها، فإن كان هذا تجسيماً وقولا باطلاً فهذا كذلك.


(١) انظر الاقتصاد في الاعتقاد للغزالي (ص ٨٤ - ١٠١)، بتصرف.
(٢) مختصر الصواعق (١/ ٢٥٥).
(٣) نقض التأسيس (١/ ٥٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>