للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(٩٨) وروى هو-أيضًا-وابنُ أبي حاتم: أن هشام بن عُبيد الله الرَّازي (١) -صاحب محمد بن الحَسَن، قاضي الرَّي-حبس رجلًا في التَّجَهُّم (٢)؛ فتاب، فجيء به إلى هشام ليُطلقه، فقال: الحمد لله على التوبة. فامتحنه هشام، فقال: أتشهد أنَّ الله على عرشه بائن من خلقه؟ فقال: أشهد أن الله على عرشه، ولا أدري ما بائن من خلقه! فقال: رُدُّوه إلى الحبس؛ فإنه لم يَتب» (٣).

فلا بد من إثبات العلو لله تعالى وأنه بائن من خلقه، وقد أتى العلماء بلفظة (بائن)؛ للرد على الجهمية الحلولية الذين زعموا أن الله مختلط وممتزج بالخلق؛ ولهذا لما قال هذا الرجل: الحمد لله على التوبة. فامتحنه هشام بن عُبيد الله الرَّازي-فقال له: أتشهد أن الله على عرشه بائن من خلقه؟ فقال: أشهد أنَّ الله على عرشه، لكن ما أدري (ما بائن من خلقه)! فقال: رُدُّوه إلى السجن؛ فإنه لم يتب.

فلا بد من اعتقاد أن الله بائن من خلقه؛ بمعنى: منزه-سبحانه-عن أن يختلط بهم.


(١) هشام بن عبد الله الرازي، فقيه حنفي، من أهل الرأي، أخذ عن أبي يوسف ومحمد ابن الحسن صاحبي أبي حنيفة. قال الذهبي: "كان داعية إلى السنة ومحطاً على الجهمية"
قال الذهبي في كتاب العرش ٢/ ٣٠٧ "هشام بن عبد الله من أئمة الفقه على مذهب أبي حنيفة، أخذ عن محمد بن الحسن وغيره وهو معروف عند الفقهاء، ذكره أبو إسحاق في طبقات الفقهاء. توفى محمد بن الحسن في منزله. ". انظر: تذكرة الحفاظ (١/ ٣٨٧ - ٣٨٨)، ميزان الاعتدال (٣/ ٢٥٤)
(٢) أي: بسبب انتحاله لمذهب الجهمية؛ الذي أَسَّسَه الجهم بن صفوان.
(٣) وذكر هذا الأثر أيضًا في «درء العقل والنقل» (٦/ ٢٦٥)، وابن القيم في «اجتماع الجيوش الإسلامية» (ص ١٤٠، ١٤١). والذهبي في العلو ص ١٢٣ وفي كتاب العرش ٢/ ٣٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>