للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الرد عليهم:

أن الآيات والأحاديث قد أثبتت استواء الله على العرش حقيقة، ولو كان معنى الاستواء ههنا المراد به علو المكانة فإن الله لم يزل متعالياً على الأشياء قبل خلق العرش، فلما أضاف الاستواء على العرش فيجب على ذلك أن يكون لهذا التخصيص فائدة (١).

القول الرابع:

وهو قول من يثبت الاستواء على أنه صفة للعرش وليس صفة لله تعالى.

وأصحاب هذا القول يقولون: إن الاستواء فعل يفعله الرب في العرش بمعنى أنه يحدث في العرش قرباً فيصير مستوياً عليه من غير أن يقوم به-أي بالله-فعل اختياري.

وهذا القول هو ما يقول به ابن كلاب، والأشعري (٢)، وأئمة أصحابه المتقدمين كالباقلاني وغيره، وهو أيضاً قول القلانسي، ومن وافق هؤلاء من أتباع الأئمة وغيرهم من أصحاب الإمام أحمد كالقاضي أبي يعلى وابن الزاغوني وابن عقيل في كثير من أقواله (٣).

والسبب الذي جعل هؤلاء القوم يمنعون جعل الاستواء صفة لله تعالى هو قولهم بنفي قيام الأفعال الاختيارية بذاته ولذلك يجعلون أفعاله اللازمة لذاته -كالنزول والاستواء-كأفعاله المتعدية-كالخلق والإحسان-، وقولهم في نفي الأفعال الاختيارية راجع إلى قولهم في صفات الله.

وهم يقولون: "إن الله هو الموصوف بالصفات، لكن ليست الصفات أعراضاً، إذ هي قديمة أزلية" (٤).

وحجتهم في منع قيام الحوادث بذات الله تعالى أنهم يقولون: "إن كل ما صح قيامه بالباري تعالى فإما أن يكون صفة كمال أو لا يكون فإن كان صفة كمال استحال أن يكون حادثاً، وإلا كانت ذاته قبل اتصافه بتلك الصفة خالية من صفة


(١) المعتمد في أصول الدين للقاضي أبي بعلى (ص ٥٤).
(٢) هذا القول لأبي الحسن الأشعري قاله عندما كان على قول ابن كلاب من نفي الأفعال الاختيارية عن الله تعالى.
(٣) مجموع الفتاوى (٥/ ٣٨٦، ٤٣٧، ٤٦٦)، (١٦/ ٣٩٣).
الأسماء والصفات (٥١٧).
اجتماع الجيوش الإسلامية (ص ٦٤، ٦٥).
(٤) مجموع الفتاوى (٦/ ٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>