للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

شرع المصنف في إيراد نماذج من نهايات تجارب بعض كبار أئمة المتكلمين الذين بلغوا نهاية المطاف ووصلوا إلى نتيجة مفادها الحيرة والاضطراب وقد حكى بعضهم تلك الحال التي وصلوا إليها فهذا وهذا الشهرستاني يصف حال المتكلمين في قوله:

لعمري لقد طفتُ المعاهدَ كلَّها … وسَيَّرتُ طَرْفي بين تلك المعالِمِ

فلم أرَ إلا واضعًا كفَّ حائرٍ … على ذقَنٍ أو قارعًا سِنَّ نادمِ (١)

وقد عارض الإمام الصنعاني هذه الأبيات بقوله:

لعلك أهملت الطواف بمعهدِ الرَّ … سول ومن لاقاه من كل عالمِ

فما حار من يهدي بهدي محمدٍ … ولستَ تراه قارعا سن نادم (٢)

ووُجِدَ بخطِ الشيخِ سُليمانِ بن عبدِ اللهِ ابن شيخِ الإسلام محمد بن عبد الوهاب أحسن الله لهم المآب وأجزل لهم الثواب في هامش الحموية على بيتي الشهرستاني ما صورته:

قد قلتُ أبياتاً جوابا على البيتين الَذين أنشدهما الشهرستاني في كتابه "نهاية الإقدام":

أظُنُكَ أهملتَ الطوافَ بمعهدٍ … لخيرِ الهداةِ المرسَلِينَ الأكارمِ

وطوَّفتَ في عَمْياءَ بادٍ ضَلالهُا … بناها ذوو الإشراكِ مِنْ كلِ ظالمِ

فلاسفةٌ لا يعرفونَ إلاهَهم … ومعبودَهم، فاعجب لهذِي العظائم

فلو كُنْتَ أكثرتَ الطوافَ بمعهدِ … الرَسُولِ ومَنْ لاقاهُ مِنْ كلِ عالمِ

لما كُنْتَ حيراناً كمَنْ تَبِعَ الخطَا … مع الجهلِ بالتنزيلِ مثلَ البهائمِ

فَما ضَلَّ مَنْ يَمشي على إثْرِ أحمد … ولستَ تراهُ قارعاً سِنَّ نادمِ

وهذا الفخر الرازي (٣) يقول:

نهاية إقدام العقول عقالُ … وأكثر سعي العالمين ضلالُ

وأرواحنا في وحشة من جسومنا … وغاية دنيانا أذى ووبالُ

ولم نستفد من بحثنا طول عمرنا … سوى أن جمعنا فيه قيل وقالوا

وهذا نص ما ذكره الرازي في خاتمة كتابه أقسام اللذات أورده هنا بتمامه رداً


(١) نهاية الإقدام (٣) والأبيات فيها اختلاف في بعض العبارات في الشطر الأول من البيت الأول عما أورده المصنف هنا: حيث ورد في الكتاب (لقد طفت في تلك المعاهد كلها)
(٢) نقلها الشيخ محمد رشاد سالم في تحقيقه لكتاب درء التعارض ١/ ١٥٩
(٣) درء تعارض العقل والنقل ١/ ١٦٠

<<  <  ج: ص:  >  >>