للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

على من يشكك في صحة نسبة هذا الكلام إليه حيث يقول: "فلهذه الأسباب نقول: ليتنا بقينا على العدم الأول! وليتنا ما شاهدنا هذا العالم! وليت النفس لم تتعلّق بهذا البدن! وفي هذا المعنى قلت:

نهاية إقدام العقول عقال … وأكثر سعي العالمين ضلال

وأرواحنا في وحشة من جسومنا … وحاصل دنيانا أذى ووبال

ولم نستفد من بحثنا طول عمرنا … سوى أن جمعنا فيه قيل وقالوا

فكم قد رأينا في رجال ودولة … فبادوا جميعاً مسرعين وزالوا

كم من جبال قد علت شرفاتها … رجال فزالوا والجبال جبال

واعلم أني بعد التوغل في هذه المضائق، والتعمّق في الاستكشاف عن أسرار هذه الحقائق، رأيت الأصوب والأصلح في هذا الباب طريقة القرآن العظيم، والفرقان الكريم وهو ترك التعمق، والاستدلال بأقسام أجسام السموات والأرضين على وجود رب العالمين، ثم المبالغة في التعظيم من غير خوض في التفاصيل،

فاقرأ في التنزيه:

قوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ﴾ [محمد: ٣٨].

وقوله تعالى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ [الشورى: ١١].

وقوله تعالى: ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾ [الإخلاص: ١].

واقرأ في الإثبات:

قوله: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ [طه: ٥].

وقوله تعالى: ﴿يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ﴾ [النحل: ٥٠].

وقوله تعالى: ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ﴾ [فاطر: ١٠].

وأقرأ في أن الكل من الله:

قوله تعالى: ﴿قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ﴾ [النساء: ٧٨].

وفي تنزيهه عما لا ينبغي:

قوله: ﴿مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ﴾ [النساء: ٧٩] الآية، وعلى هذا القانون فقس.

وأقول من صميم القلب، ومن داخل الروح: إني مقرُّ بأن كل ما كان هو الأكمل الأفضل الأعظم الأجل فهو لك، وكل ما فيه عيبُ أو نقص فأنت منزه عنه.

ومقر بأنّ عقلي وقهمي قاصرٌ عن الوصول إلى كنه حقيقة ذرة من ذرات

<<  <  ج: ص:  >  >>