للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الكتاب ولا في السُّنَّة؛ لا بنفي ولا بإثبات؛ ولهذا رُوي عن بعض الأئمة إثبات ذلك، ورُوي عن بعضهم نفي ذلك؛ فروي عن الإمام أحمد إثبات الحد، وروي عنه نفي الحد، كذلك مِمَّنْ رُوي عنه إثبات الحَدِّ الدَّارميُّ وابنُ المبارك.

قال الإمام الذهبي (١) في: «مسألة الحد (٢):

«الحد في اللغة: الحاجز بين الشيئين، الذي يُمَيِّزُ بينهما؛ لئلا يَختلط أحدهما بالآخر، أو لئلا يَتَعَدَّى أحدهما على الآخر، وهو مأخوذ من حَدَّ الشيء عن غيره يَحُدُّهُ حَدًّا؛ إذا مَيَّزه» (٣).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: «الحدُّ: ما يَتميز به الشيء عن غيره من صفته وقدره» (٤).

سبق أن أسلفنا أن إطلاق السلف للحَدِّ ليس من باب الصفات، وإنما هو من باب الإخبار، ولهم فيه استعمالان:

الاستعمال الأول: في حال الإثبات.

ومن الآثار الواردة في ذلك ما رواه الخلال بسنده، عن محمد بن إبراهيم القيسي، قال: «قلت لأحمد بن حنبل: يُحكى عن ابن المبارك-وقيل له: كيف نَعرف ربنا؟ قال: في السماء السابعة على عرشه بِحَدٍّ. فقال أحمد: هكذا هو عندنا» (٥).


(١) كتاب «العرش» (١/ ٢٥١ - ٢٦٠)
(٢) الأقوال في هذه المسألة على النحو التالي:
القول الأول: قول مَنْ يقول: هو فوق العرش، ولا يُوصف بالتناهي ولا بعدمه؛ إذ لا يقبل واحدًا منهم، فعندهم أن الله فوق العرش، ولا يُوصف بأن له قدرًا. وهذا يقوله بعض أهل الكلام والفقه والحديث والتصوف من الكلابية والكرامية والأشعرية ومَن وافقهم من أتباع الأئمة من أصحاب أحمد ومالك والشافعي وغيرهم.
القول الثاني: قول مَنْ يقول: هو غير مُتناه؛ إمَّا من جانب وإما من جميع الجوانب، وهذا يقوله-أيضًا-طوائف من أهل الكلام والفقهاء وغيرهم، وحكاه الأشعري في «المقالات» عن الطوائف.
القول الثالث: قول السلف والأئمة وأهل الحديث والكلام والفقه والتصوف الذين يقولون: له حد لا يَعلمه غيره. انظر: «درء تعارض العقل والنقل» (٦/ ٣٠٠، ٣٠١).
(٣) انظر: «الصحاح» للجوهري (٢/ ٤٦٢)، و «لسان العرب» (٣/ ١٤٠).
(٤) «نقض تأسيس الجهمية» (١/ ٤٤٣).
(٥) أخرجه القاضي أبو يعلى في «إبطال التأويلات» (ق ١٥١/ ب)، وفي «الروايتين والوجهين» (ص ٤٩)، وابن أبي يعلى في «طبقات الحنابلة» (١/ ٢٦٧)، وأورده ابن تيمية في «نقض تأسيس الجهمية» (١/ ٤٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>