للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(اكتب) كما في اللفظ، (أول ما خلق الله القلم قال له اكتب) بنصب (أول) و (القلم) فعلى هذا تكون الأولية راجعة إلى الكتابة لا إلى الخلق.

وإن كانت جملتين وهو مروي برفع (أول) و (القلم) فيتعين حمله على أنه أول المخلوقات من هذا العالم، فيتفق بهذا الحديثان، إذ حديث عبد الله بن عمرو صريح في أن العرش سابق على التقدير، والتقدير مقارن لخلق القلم (١).

أما هيئة العرش: فقد دلت الأحاديث على أنه مقبب الشكل وأنه على هذا العالم المكون من السموات والأرض وما فيهما كهيئة القبة وهذا ما يدل عليه حديث الأعرابي الذي جاء فيه أن النبي قال: "إن عرشه على سمواته وأراضيه هكذا" وأشار بأصابعه مثل القبة.

ويؤيد وصف هيئة العرش بهذه الصفة ما جاء في الحديث الآخر "إذا سألتم الله فسلوه الفردوس، فإنه وسط الجنة وأعلاها وفوقه عرش الرحمن". فالحديث يبين أن الفردوس أوسط الجنة وأعلاها كما جاء في الحديث الآخر: "مائة درجة وما بين كل درجة ودرجة كما بين السموات والأرض".

فكون العرش سقفاً للفردوس الذي هو أوسط الجنة وأعلاها يدل على أنه مقبب لأن هذه الصفة لا تكون إلا في المستدير.

والعرش له قوائم كما جاء في الحديث الصحيح "لا تخيروا بين الأنبياء، فإن الناس يصعقون، فأكون أول من يفيق، فإذا بموسى آخذ بقائمة من قوائم العرش" الحديث.

وفي إثبات كون العرش مقبباً وأن له قوائم تحمله، رد على من زعم من الفلاسفة أن العرش فلك من الأفلاك أو أنه الفلك التاسع، وقد تقدم الرد على زعم هؤلاء.

وكذلك فيه رد على من زعم أن العرش بمعنى الملك لأنه لا يعقل أن يكون ماسكاً بقائمة من قوائم الملك.

وقد ذكر ابن كثير والذهبي أن العرش من ياقوتة حمراء (٢) وقد استدلوا لهذا القول بما رواه إسماعيل بن أبي خالد قال: سمعت سعداً الطائي يقول: "العرش ياقوتة حمراء" (٣).


(١) شرح العقيدة الطحاوية (ص ٢٩٥ - ٢٩٦).
اجتماع الجيوش الإسلامية (ص ٢٥٣ - ٢٥٤).
(٢) تفسير ابن كثير (٤/ ٧٤). العلو للذهبي (ص ٥٧)
(٣) أخرجه: ابن أبي شيبة في كتاب العرش (ص ٤١٣ - ٤١٤، ح ٤٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>