للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وشارح العقيدة الطحاوية (١)، ونسبه ابن كثير وابن حجر-نقلاً عن أبي العلاء الهمداني-إلى الجمهور، ومال إليه ابن حجر أيضاً (٢).

واستدلوا على قولهم هذا بما رواه مسلم في صحيحه بسنده عن عبد الله بن عمرو بن العاص مرفوعاً قال: "كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، قال: وعرشه على الماء" (٣).

ففي هذا الحديث تصريح بأن التقدير وقع بعد خلق العرش وحديث عبادة صريح بأن التقدير وقع عند أول خلق القلم، فدل ذلك على أن العرش سابق على القلم.

ومما يؤيد هذا القول أيضاً حديث عمران بن حصين: "كان الله ولم يكن شيء قبله وكان عرشه على الماء وكتب في الذكر كل شيء ثم خلق السموات والأرض" (٤).

فالحديث يدل على أن العرش كان موجوداً قبل كتابة المقادير.

وهذا هو الراجح من الأقوال.

وأما القول الثاني (أن الماء أول المخلوقات) واستدلال ابن حجر بحديث أبي رزين (أن الماء خلق قبل العرش) فغير صحيح، لأنه لم يرد في حديث أبي رزين هذا اللفظ، وإنما ورد فيه (ثم خلق عرشه على الماء) وليس في هذا ما يدل على أولية الماء.

وأما ما رواه السدي فهو أيضاً لا يصلح للاحتجاج لكونه أثراً ولم يثبت عن النبي ما يدل على ذلك

وأما القول الثالث: وهو قول ابن إسحاق فهو أيضاً غير صحيح، ولعله أخذه من الإسرائيليات كما أخذ غيره من الأمور، وقد قال ابن جرير في هذا القول: "وأما ابن إسحاق فإنه لم يسند قوله الذي قاله في ذلك إلى أحد، وذلك من الأمور التي لا يدرك علمها إلا بخبر من الله ﷿ أو من خبر رسول الله " (٥).

أما القول الأول فقد أجاب الجمهور على استدلالهم بحديث عبادة ابن الصامت بقولهم لا يخلو قوله "أول ما خلق الله القلم … الخ" من أن يكون جملة أو جملتين، فإن كان جملة-وهو الصحيح-كان معناه أنه عند أول خلقه قال له


(١) شرح العقيدة الطحاوية (ص ٢٩٥).
(٢) فتح الباري (٦/ ٢٨٩).
(٣) تقدم تخريجه.
(٤) تقدم تخريجه.
(٥) تاريخ الطبري (١/ ٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>