للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قال ابن بطة: "فنقول كما قال: "ينزل ربنا ﷿" ولا نقول: إنه يزول، بل ينزل كيف يشاء، لا نصف نزوله ولا نحده، ولا نقول: إن نزوله زواله".

وروى بسنده عن حنبل بن إسحاق قال: "قلت لأبي عبد الله: ينزل الله تعالى إلى سماء الدنيا؟

قال: نعم.

قلت: نزوله بعلمه أم بماذا؟

قال: فقال لي: اسكت عن هذا، وغضب غضباً شديداً، وقال: مالك ولهذا؟ أمض الحديث كما روي بلا كيف" (١).

وقال القاضي أبو يعلى: "وحكى شيخنا-يعني ابن حامد-عن طائفة أخرى من أصحابنا أنهم قالوا: نثبت نزولاً لا يعقل معناه هل هو زوال أو بغير زوال، كما جاء الخبر، ومثل هذا ليس يمتنع في صفاته، كما يثبت له ذاتاً ينفي عنها ماهيتها، وهذه الطريقة هي المذهب، وقد نص أحمد عليها في مواضع" (٢). وذكر الأثر الذي ذكره ابن بطة عن حنبل.

قال ابن القيم : "وأما الذين أمسكوا عن الأمرين وقالوا: لا نقول يتحرك وينتقل، ولا ننفي ذلك عنه، فهم أسعد بالصواب والاتباع، فإنهم نطقوا بما نطق به النص، وسكتوا عما سكت عنه، وتظهر صحة هذه الطريقة ظهوراً تاماً فيما إذا كانت الألفاظ التي سكت عنها النص مجملة، محتملة المعنيين صحيح وفاسد، كلفظ (الحركة)، و (الانتقال)، و (الحوادث)، و (العلة)، و (التغير)، و (التركيب)، ونحو ذلك من الألفاظ التي تحتها حق وباطل.

فهذه لا تقبل مطلقاً، ولا ترد مطلقاً، فإن الله سبحانه لم يثبت لنفسه هذه المسميات، ولم ينفيها عنه، فمن أثبتها مطلقاً فقد أخطأ، ومن نفاها مطلقاً فقد أخطأ، فإن معانيها منقسمة إلى ما يمتنع إثباته لله، وما يجب إثباته له.

فإن الانتقال يراد به:

١ انتقال الجسم والعرض من مكان هو محتاج إليه إلى مكان آخر يحتاج إليه. وهو يمتنع إثباته للرب ، وكذلك الحركة إذا أريد بها هذا المعنى امتنع إثباتها لله تعالى.


(١) المختار من الإبانة (ص ٢٤٠ - ٢٤٢).
(٢) كتاب الروايتين والوجهين (ص ٥٦ - ٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>