للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ما بين أظلافهم إلى ركبهم مثل ما بين سماء إلى سماء، ثم فوق ظهورهم العرش".

فالحديث يُشير كما أسلفنا إلى وجود ذلك الماء الذي تحت العرش، وإلى أنه ما زال موجوداً إلى ما بعد خلق السموات والأرض.

أما مكان العرش بالنسبة إلى السموات والأرض فهو أعلى منها وفوقها، وهو كالقبة عليها كما جاء في الحديث: "إن عرشه على سمواته وأراضيه هكذا" وأشار بأصابعه مثل القبة.

وكذلك ما جاء في حديث العباس بن عبد المطلب الذي يسمى بحديث الأوعال، فكلا الحديثين يدلان على أن العرش فوق السموات والأرض وأعلى منهما وهو كالسقف عليهما، بل هو سقف للجنة كما في حديث: "إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيله، كل درجتين ما بينهما كما بين السماء والأرض، فإذا سألتم الله فسلوه الفردوس، فإنه وسط الجنة وأعلى الجنة وفوقه عرش الرحمن" (١).

فمكان العرش فوق السموات والأرض وفوق الجنة وهو أعلى المخلوقات وأرفعها، وجميع المخلوقات دونه في العلو والارتفاع. والله أعلم.

وقول المصنف: «وذكر من طريق مالكٍ قولَ النبي للجارية: «أين اللهُ؟». قالت: في السماء. قال: «مَنْ أنا؟». قالت: أنت رسولُ الله. قال: «فأعتقها؛ فإنَّها مؤمنةٌ» (٢).

قال: والأحاديث مثل هذا كثيرة جدًّا، فسبحان مَنْ علمُه بما في السَّماء كعلمه بما في الأرض، لا إله إلا هو العليُّ العظيم»

فقد سبق بيان أن الآيات في مسألة علو الله تعالى كثيرة ومتنوعة في الدلالة على صفة العلو ومن ذلك قوله جل وعلا: ﴿يُدَبِّرُ الأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ﴾ [السجدة: ٥]، والعروج لا يكون إلا من أسفل إلى أعلى؛ فلو كان الله في كل مكان- كما يقول الأشاعرة وغيرهم- فما الحاجة إلى العروج؟!

فبماذا يُجيب الأشاعرة وغيرهم عن مثل هذه الآيات؟!

ولماذا يغمضون أعينهم ويصمون أسماعهم عن مثل هذه الأدلة الصريحة؛ كقوله : ﴿ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ﴾ [السجدة: ٥]، وكقوله جل وعلا: ﴿أَأَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ﴾ [الملك:


(١) تقدم تخريجه.
(٢) انظر: «صحيح مسلم»، كِتَاب (المَسَاجِدِ وَمَوَاضِعِ الصَّلَاة)، بَاب (تَحْرِيمِ الكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ، وَنَسْخِ مَا كَانَ مِنْ إِبَاحَتِهِ)، برقم (٥٣٧)، وأبو داود (٣٢٨٢)، والنسائي (١٢١٨)، ومالك (٨)، وأحمد في المسند؛ أحاديث رجال من أصحاب النبي (٢٣٧٦٢)، والدارمي (١٥٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>