للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

١٦]، وكقوله : ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ﴾ [فاطر: ١٠]، والصعود والرفع كيف يكونان؟

بالطبع يكونان من أسفل إلى أعلى.

وماذا يقولون في قوله تعالى: ﴿وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ﴾ [الأنعام: ١٨]، وقوله ﷿: ﴿يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ﴾ [آل عمران: ٥٥]، وقوله جل وعلا: ﴿بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ﴾ [النساء: ١٥٨]؟!

ولا شَكَّ أنَّ نصوص العلو-كما قال السلف-: تبلغ قرابة الألف؛ أي: يُوجد ألفُ دليلٍ على إثبات علو الله .

ومن ذلك ما جاء في حديث الجارية التي سألها النبيُّ : «أينَ اللهُ؟». فقالت: في السماء.

وهذا حديث صحيح؛ رواه مسلم (١)، (٢) وأبو داود (٣)، (٤) والنسائي (٥)، (٦) ومالك (٧) في الموطأ (٨).

هذا مع أن الأشاعرة يقولون: لا يجوز السؤال عن الله ب «أين»!

وهذا اعتراض على الرسول الذي سَأَلَ بهذا السؤال.

الأحاديث كذلك في إثبات علو الله تعالى كثيرة جدًّا، ولكن مصيبة هؤلاء أنهم مُعرضون عن النصوص أصلًا؛ لأن أصولهم لا تَعتمد على قال الله وقال الرسول !

ولذلك عندما احدثوا ما أحدثوا من البدع والأقوال الباطلة في هذه المسألة، نجد أن النصوص تَرُدُّ هذا الباطل وتُبَيِّنُ فساده؛ وخلاصة الأمر: أن على العبد أن يرجع إلى كلام الله تعالى وإلى كلام رسوله ، وأن يُحقق قول الله تعالى: ﴿فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ﴾ [النساء: ٥٩]، والرد إلى الله يكون بالرد إلى كتابه، والرد إلى الرسول يكون بالرجوع إليه في حياته، وإلى سنته بعد وفاته.


(١) مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري، أبو الحسين النيسابوري، حافظ، من أئمة المحدثين، صاحب الصحيح المشهور، توفي بنيسابور سنة (٢٦١ هـ).
تذكرة الحفاظ (٢/ ١٥٠)، تهذيب التهذيب (١٠/ ١٢٦).
(٢) أخرجه في صحيحه، كتاب المساجد ومواضع الصلاة (١/ ٣٨٢).
(٣) سليمان بن الأشعث بن إسحاق بن بشير بن شداد الأزدي السجستاني، ثقة حافظ، مصنف السنن وغيرها، من كبار العلماء، من الحادية عشرة، مات سنة (٢٧٥ هـ). تذكرة الحفاظ (٢/ ١٥٢)، تاريخ بغداد (٩/ ٥٥).
(٤) سنن أبي داود (١/ ٥٧٢) كتاب الصلاة، "باب ١٧١ تشميت العاطس في الصلاة" رقم (٩٣٠).
(٥) أحمد بن شعيب بن علي بن سنان بن بحر بن دينار، أبو عبد الرحمن، النسائي، الحافظ، صاحب السنن وغيرها، مات سنة (٣٠٣ هـ) وله ثمان وثمانون سنة. تذكرة الحفاظ (٢/ ٢٤١)، وفيات الأعيان (١/ ٢١).
(٦) سنن النسائي (٣/ ١٤ - ١٨).
(٧) مالك بن أنس إمام دار الهجرة، وأحد أئمة السنة المشهورين، وإليه تنسب المالكية، له مؤلفات عدة، على رأسها "الموطأ" الكتاب المشهور، ولد بالمدينة وتوفي بها عام (١٧٩ هـ). الديباج المذهب (١/ ٨٢ - ١٣٥)، البداية (١٠/ ١٧٤).
(٨) كتاب العتق، باب ما يجوز من العتق في الرقاب الواجبة (ص ٥٥٢ - ٥٥٣، ح ١٤٦٤). وأخرجه الإمام أحمد في المسند (٥/ ٤٤٧). وابن أبي عاصم في السنة (١/ ٢١٥). وابن خزيمة في التوحيد (١/ ٢٧٨ - ٢٨٠، ح ١٧٨). واللالكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة (٣/ ٣٩٢). والذهبي في العلو (ص ١٦)، وانظر مختصر العلو للذهبي (ص ٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>