للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فعلى العاقل أن يَعرض على ميزان الشرع قول مَنْ يقول: إن الله عالٍ على خلقه، مُستو على عرشه، وقول مَنْ يقول: إنَّه في كل مكان، أو من يقول: لا داخل العالم ولا خارجه!

ليعلم أن الكفة الراجحة في صف مَنْ أثبت علوَّ الله واستواءَه على عرشه ، من غير إثبات الكيف؛ فقد أعمل النصوص الصريحة الثابتة ولم يُهملها، ووَكَلَ تفسيرَ كيفيتها إلى الله، ولم يَفتأت عليها بتعطيل، أو تشبيه، أو تحريف أو تأويل.

قال الإمامُ ابنُ عبد البرِّ : «أهل السنَّة مُجْمِعون على الإقرار بالصفات الواردة كلِّها في القرآن والسنَّة والإيمان بها وحملِها على الحقيقة لا على المجاز إلاَّ أنهم لا يُكيِّفون شيئًا مِنْ ذلك ولا يحدُّون فيه صفةً محصورةً، وأمَّا أهل البدع والجهمية والمعتزلة كلُّها والخوارج فكلُّهم ينكرها ولا يحمل شيئًا منها على الحقيقة ويزعمون أنَّ مَنْ أقرَّ بها مشبِّهٌ، وهم عند مَنْ أثبتها نافون للمعبود، والحقُّ فيما قاله القائلون بما نطق به كتاب الله وسنَّةُ رسوله وهم أئمَّة الجماعة، والحمد لله» (١).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية--عن مذهب السلف في الصفات «فطريقتهم تتضمَّن إثباتَ الأسماء والصفات، مع نفي مماثلة المخلوقات، إثباتًا بلا تشبيهٍ، وتنزيهًا بلا تعطيلٍ؛ كما قال تعالى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ﴾ [الشورى: ١١]، ففي قوله: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ ردٌّ للتشبيه والتمثيل، وقوله: ﴿وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ﴾ ردٌّ للإلحاد والتعطيل» (٢).


(١) «التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد» لابن عبد البر (٧/ ١٤٥).
(٢) «التدمرية» لابن تيمية (ص ٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>