للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

«وقال (١) قبل ذلك «باب (في الإيمان بصفات الله تعالى وأسمائه)»:

قال: «واعلم بأنَّ أهلَ العلم بالله وبما جاءت به أنبياؤه ورُسله يَرون الجهل بما لم يُخبر به عن نفسه علمًا، والعجز عمَّا لم يَدْع إليه إيمانًا، وأنهم إنما يَنتهون من وصفه بصفاته وأسمائه إلى حيث انتهى في كتابه وعلى لسان نبيه» (٢).

هذه قاعدة عظيمة في هذه المسألة، وهي: أننا يجب علينا ألا نخوض فيما لا عِلم لنا به؛ وعلينا أن نقف على ما جاء به الخبرُ؛ فلا نَزيد عليه ولا نَنقص منه، ثم لا سبيل لنا إلى معرفة كيفية اتصاف الله بهذه الصفات، ولا يجوز لنا البحث في ذلك؛ لا في كيفية علوه تعالى، ولا في كيفية استوائه، ولا في كيفية نزوله!

فتأمل عبارة: «واعلم بأن أهل العلم بالله وبما جاء به أنبياؤه ورسله يرون الجهل بما لم يُخبر به عن نفسه علمًا»؛ أي أن أهلُ العلم يرون عدمَ الخوض فيما لم يَرِد به الخبرُ.

فما لم يَرد به الخبر بالنفي أو الإثبات لا نتكلم فيه؛ فإن هذا من العلم، فمن العلم: أن تقول: لا أدري. وأن تقف في هذا على الحدِّ الذي ورد فيه الخبرُ؛ لا تَزيد ولا تَنقص.

ثم قال : «والعجز عما لم يَدْعُ إليه إيمانًا»، وهو أمر الكيفية، «وأنهم إنما ينتهون مِنْ وصفه بصفاته وأسمائه إلى حيث انتهى في كتابه وعلى لسان نبيه»، يعني: نثبت لله سبحانه ما أثبته لنفسه، وننفي عنه ما نفاه عن نفسه؛ لا نزيد ولا ننقص، ولا نخوض في الكيف.

فهذه قاعدة عظيمة من تَمَسَّك بها مع الإيمان بما وَرَدَ سَلِمَ ونَجَا مِنْ داء التعطيل وداءِ التَّشبيه.

قال العَلَّامة الشنقيطي : «والجاهلُ المُفتري الذي يزعم أن ظاهر آيات


(١) أي: ابن أبي زمنين.
(٢) «أصول السنة» (ص ٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>