للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

اسمه الرحيم والعفو والغفور عن اسمه المنتقم، أو التعبد بأسماء التودد والبر واللطف والإحسان عن أسماء العدل والجبروت والعظمة والكبرياء ونحو ذلك.

وهذه طريقة الكُمَّل من السائرين إلى الله، وهي طريقة مُشتقة من قلب القرآن؛ قال الله تعالى: ﴿ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها﴾ [الأعراف: ١٨٠]، والدعاء بها يتناول دعاء المسألة، ودعاء الثناء، ودعاء التعبد، وهو سبحانه يدعو عباده إلى أن يعرفوه بأسمائه وصفاته، ويُثنوا عليه بها، ويأخذوا بحظِّهم من عبوديتها.

وهو سبحانه يُحب موجبَ أسمائه وصفاته …

إلى أن قال : «وهذا المشهد أَجَلُّ مِنْ أن يحيط به كتابٌ، أو يَستوعبه خطابٌ، وإنما أشرنا إليه أدنى إشارة تُطلع على ما وراءها، والله الموفق المُعِين» (١).

فأراد المعطلة والمؤولة أن يغلقوا هذا الباب؛ لأنه إذا أُغلق لم يَعرفوا الله سبحانه حق المعرفة ولم يقوموا بحقه كما يَنبغي، ولذلك نرى في المجتمعات-التي لا تَعرف أسماء الله وصفاته معرفة صحيحة-أنه ينشأ فيها الجهل بالله !

فتراهم يطوفون بالقبور ويدعونها ويتمسحون بها وينذرون لها، وترى الخرافات منتشرة؛ من عبادة الكواكب والشجر والحجر، والاستعانة بالجن، وادعاء علم الغيب … إلى غير ذلك، ومع أن أسماءهم أسماء مُسلمين، لكن كأنهم ليس من المسلمين.

كل هذا نشأ بسبب الجهل بالله وأسمائه وصفاته، وإلَّا فنصوص الصفات يُقدِّرها العلماء بثُلُثِ القرآن؛ أخذًا من قول النبي : «﴿قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ﴾ تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ» (٢)؛ ولأنَّها صفة الرحمن ، فعن عائشة قالت: «إنَّ النبي بعث رجلًا على سرية، وكان يقرأ لأصحابه في صلاتهم فيختم ب ﴿قل هو الله أحد﴾، فلما رجعوا ذكروا ذلك للنبي ، فقال: «سَلُوه لأيِّ شيءٍ يصنع ذلك؟». فسألوه، فقال: «لأنَّها صفة الرحمن، وأنا أُحِبُّ أن أقرأ بها، فقال


(١) «مدارج السالكين» لابن القيم (١/ ٤١٨ - ٤٢٢) بتصرف واختصار.
(٢) انظر: صحيح البخاري، كِتَاب (فَضَائِلِ القُرْآنِ)، بَابُ (فَضْلِ ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾) برقم (٥٠١٥)، عن أبي سعيد الخدري ، ومسلم كِتَاب (صَلَاة المُسَافِرِينَ وَقَصْرهَا)، بَاب (فَضْلِ قِرَاءَةِ: ﴿قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ﴾) برقم (٨١١)، عن أبي الدرداء ، ورواه أحمد في المسند، المُلْحَق: المُسْتَدْرَك من مُسْنَدِ الأَنْصَارِ، بَقِيَّة خَامِس عَشَر الأنصَار (٢٧٤٩٥)، والدارمي (٣٤٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>