للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ابتغى الهدى في غير الكتاب والسنة لم يزدد من الله إلا بعدا" (١)

قال ابن رجب الحنبلي: "وقد ابتلينا بجهلة من الناس يعتقدون في بعض من توسع في القول من المتأخرين أنه أعلم ممن تقدم. فمنهم من يظن في شخص أنه أعلم من كل من تقدم من الصحابة ومن بعدهم لكثرة بيانه ومقاله. ومنهم من يقول هو أعلم من الفقهاء المشهورين المتبوعين. وهذا يلزم منه ما قبله لأن هؤلاء الفقهاء المشهورين المتبوعين أكثر قولا ممن كان قبلهم فإذا كان من بعدهم أعلم منهم لاتساع قوله كان أعلم ممن كان أقل منهم قولا بطريق الأولى. كالثوري والأوزاعي والليث. وابن المبارك. وطبقتهم. وممن قبلهم من التابعين والصحابة أيضاً.

فإن هؤلاء كلهم أقل كلاماً ممن جاء بعدهم وهذا تنقص عظيم بالسلف الصالح وإساءة ظن بهم ونسبته لهم إلى الجهل وقصور العلم ولا حول ولا قوة إلا باللَه ولقد صدق ابن مسعود في قوله في الصحابة أنهم أبر الأمة قلوباً. وأعمقها علوماً. وأقلها تكلفاً. وروي نحوه عن ابن عمر أيضاً. وفي هذا إشارة إلى أن من بعدهم أقل علوماً وأكثر تكلفاً.

وقال ابن مسعوداً أيضاً: "إنكم في زمان كثير علماؤه قليل خطباؤه وسيأتي بعدكم زمان قليل علماؤه كثير خطباؤه فمن كثر علمه، وقل قوله فهو الممدوح، ومن كان بالعكس فهو مذموم. " (٢)

وهذه المسألة تقودنا إلى أن هناك في الواقع في فكر السلمين هناك ثلاثة مناهج:

المنهج الأول: منهجٌ اعتمد الكتاب والسنة وكلام القرون الأولى من الصحابة والتابعين، وعادوا في عامة جميع أمور الدين سواءٌ كانت أموراً تتعلق بالاعتقاد أو تتعلق بالعبادات أو تتعلق بالمعاملات، أو تتعلق بغير ذلك من أحكام الإسلام كل هذا عادوا فيه إلى منهج الكتاب والسنة، وهذا هو المنهج السليم الذي سار عليه من تمسك بمنهج سلف الأمة وتمسك بكلام الله تعالى وكلام رسوله وكلام السلف الصالح من الصحابة والتابعين وتابعي التابعين رضوان الله عليهم أجمعين، وكلام الأئمة الأربعة - رحمهم الله تعالى - ومن صار على نهجهم، وهذا المنهج قائم يدعو الناس جميعاً أن يأخذوا أمر دينهم من كلام ربهم ﷿ ومن سنة نبيهم ، وكلام السلف الصالح والتابعين وتابعي التابعين وأئمة هذا الدين رضوان الله تعالى عيهم أجمعين، فالله وأخبر في كتابه فقال: ﴿إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ﴾، وقال تعالى:


(١) مجموع الفتاوى ٥/ ١١٩
(٢) بيان فضل علم السلف على علم الخلف ص ٤

<<  <  ج: ص:  >  >>