[الإسراء: ٩]، ويقول جل وعلا: ﴿ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ﴾ [البقرة: ٢]؛ فينبغي على الإنسان أن يَعلم أن سبيل الهداية إنما هو الأخذ بالكتاب والسنة.
فلذلك ذكر الحافظ أبو نُعيم-في هذا الأمر-النصوصَ الواردة من إثبات علوه سبحانه، وإثبات استوائه، وإثبات الكرسي، وإثبات مجيئه ﷻ، وهذا ما شهدت به النصوص، وكَذَّب به هؤلاء؛ فكذبوا بعُلُوِّهِ، وكذبوا باستوائه، وكذبوا بوجود عرشه، وكذبوا بوجود كرسيِّه؛ فقالوا:«العرش: المُلْك، والكرسيُّ: العلم»، وكلما جاءهم نص أخذوا في إنكاره أو تأويله، لا لشيء إلا لأن عقولهم وأباطيلهم تقول بضد ذلك.
فمن هنا كما يقال: العاقل من اتَّعظ بغيره.
فهذه عظة ودرس لطالب العلم ينبغي أن يستفيد منه أمرًا عظيمًا، وهو: أن البعد عن الكتاب والسنة يؤدي إلى الإنكار والتكذيب، فإذا ابتعد الإنسان عن هذا الأصل (الكتاب والسنة)، وأخذ ينحى تلك المناحي وتلك السبل، فلا شك أنه على باطل، والله ﷾ قد نصحنا ووجَّهنا في ذلك؛ فقال: ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ﴾ [الأنعام: ١٥٣].
لذا نكرر دائمًا أن على طالب العلم أن يلزم هذا المنهج، وأنه متى ما لزمه أنار الله ﷿ بصيرته، وأعطاه قدرة على التمييز بين ما هو حق وبين ما هو باطل، في هذا الباب وفي غيره من أبواب الدين؛ لأن هذه الأصول تلازم طالب العلم في كل أحواله.
وقوله:«وأجمعوا أن الله فوق سماواته عال على عرشه، مُستو عليه، لا مُسْتَوْل عليه».
قال ابن القيم ﵀:"إن لفظ الاستواء في كلام العرب الذي خاطبنا الله بلغتهم وأنزل به كلامه نوعان: مطلق، ومقيد.
فالمطلق: ما لم يوصل معناه بحرف مثل قوله تعالى: ﴿وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى﴾ [القصص ١٤]، وهذا معناه: كمل وتم، ويقال: استوى النبات، واستوى الطعام.
وأما المقيد فثلاثة أضرب:
أحدها: مقيد "بإلى" كقوله تعالى: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء﴾، واستوى فلان إلى السطح وإلى الغرفة، وقد ذكر الله ﷾ المعدى بإلى في موضعين من كتابه، الأول في سورة البقرة في قوله ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى