(١٢٦)«وقال الإمام العارف معمر بن أحمد الأصبهاني-شيخ الصوفية في حدود المائة الرابعة في بلاده-قال: أحببتُ أن أُوصي أصحابي بوصية من السُّنَّة، وموعظة من الحكمة، وأجمع ما كان عليه أهل الحديث والأثر، وأهل المعرفة والتصوف من المتقدمين والمتأخرين».
معمر بن أحمد الأصبهاني شيخ الصوفية، والصوفية قد مرت بمراحل؛ فكان أولها زهد وتجرد ولزومٌ لعقيدة أهل السنة؛ ولو قرأت في «الغنية لطالبي طريق الحق ﷿» لعبد القادر الجيلاني، أو في غيرها من كتب الصوفية للمتقدمين، تجد أن كلامهم في الاعتقاد هو نفس كلام السلف من أهل السنة، ولكن بعد ذلك صار فيهم ما صار من الانحراف والبعد عن المنهج الحق؛ بسبب ما دخل عليهم من الجهل.
وترك العلم الصحيح أدى بهؤلاء وغيرهم إلى الانحراف والشطط الذي عليه البعض الآن؛ لأن الإنسان إنما يهتدي بالعلم وبالنور، الذي جعله الله ﷾ طريقًا للهداية.
أمَّا إذا ترك الإنسان العلم فهذا أضر ما يكون عليه؛ لأن ترك العلم معناه الجهل، والجهل يُصيب الإنسان في العلم والعمل؛ فأصيب الصوفية بترك العلم، وهذا شيء خطير؛ لأن منهج أهل السنة يقوم على العلم والعمل معًا.
وأهل السنة في هذا الأمر يقابلهم فئتان: أهل الكلام وأهل التصوف.
فأهل السنة منهجهم يقوم على العلم والعمل معًا، فالعلم وحده لا يكفي لكي يكون العبد من أهل السنة؛ فلا يعتقدن بعض طلبة العلم أنه بمجرد ما فهم مسائل اعتقاد أهل السنة أن هذا يكفيه ويُغنيه عن العمل! فهو بهذا يكون قد حاد عن منهج أهل السنة، وهذا للأسف أمر يقع فيه بعض طلبة العلم؛ حيث تراه عارفاً بالمسائل ومدركاً لها، ويجيب فيها الجواب الصحيح، لكن تنظر له من ناحية العمل تجد أن عنده تقصيرًا فيه.
فهذا واقع وملموس، وهذا للأسف انحراف، ولذلك يقول شيخ الإسلام ابن